كلفه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفدي نفسه وابني أخويه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث فقال : يا محمد تركتني أتكفف قريشا ما بقيت فقال : أين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك وقلت لها : إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل وقثم ، فقال العباس : وما يدريك ، قال : أخبرني به ربي تعالى ، قال : فأشهد أنك صادق وأن لا إله إلا الله وأنك رسوله والله لم يطلع عليه أحد إلا الله ولقد دفعته إليها في سواد الليل ، قال العباس فأبدلني الله خيرا من ذلك لي الآن عشرون عبدا إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفا وأعطاني زمزم ما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربكم) يعني الموعود بقوله : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
(وَإِنْ يُرِيدُوا) يعني الأسرى. (خِيانَتَكَ) نقض ما عاهدوك. (فَقَدْ خانُوا اللهَ) بالكفر ونقض ميثاقه المأخوذ بالعقل. (مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) أي فأمكنك منهم كما فعل يوم بدر فان أعادوا الخيانة فسيمكنك منهم. (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٧٢) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ)(٧٣)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا) هم المهاجرون هاجروا أوطانهم حبا لله ولرسوله. (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ) فصرفوها في الكراع والسلاح وأنفقوها على المحاويج. (وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) بمباشرة القتال. (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا) هم الأنصار آووا المهاجرين إلى ديارهم ونصروهم على أعدائهم. (أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) في الميراث ، وكان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الأقارب حتى نسخ بقوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) أو بالنصرة والمظاهرة. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) أي من توليهم في الميراث ، وقرأ حمزة (وَلايَتِهِمْ) بالكسر تشبيها لها بالعمل والصناعة كالكتابة والإمارة كأنه بتوليه صاحبه يزاول عملا. (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) فواجب عليكم أن تنصروهم على المشركين. (إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) عهد فإنه لا ينقض عهدهم لنصرهم عليهم. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) في الميراث أو المؤازرة ، وهو بمفهومه يدل على منع التوارث أو المؤازرة بينهم وبين المسلمين. (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) إلا تفعلوا ما أمرتم به من التواصل بينكم وتولي بعضكم لبعض حتى في التوارث وقطع العلائق بينكم وبين الكفار. (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ) تحصل فتنة فيها عظيمة ، وهي ضعف الإيمان وظهور الكفر. (وَفَسادٌ كَبِيرٌ) في الدين وقرئ «كثير».
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٧٥)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) لما قسم المؤمنين ثلاثة أقسام بين أن الكاملين في الإيمان منهم هم الذين حققوا إيمانهم بتحصيل مقتضاه من الهجرة والجهاد