ببدر قيل لهم أعينوا بهذا المال على حرب محمد لعلنا ندرك منه ثأرنا ففعلوا ، والمراد ب (سَبِيلِ اللهِ) دينه واتباع رسوله. (فَسَيُنْفِقُونَها) بتمامها ولعل الأول إخبار عن إنفاقهم في تلك الحال وهو إنفاق بدر ، والثاني إخبار عن إنفاقهم فيما يستقبل وهو إنفاق أحد ، ويحتمل أن يراد بهما واحد على أن مساق الأول لبيان غرض الإنفاق ومساق الثاني لبيان عاقبته وإنه لم يقع بعد. (ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) ندما وغما لفواتها من غير مقصود جعل ذاتها تصير حسرة وهي عاقبة إنفاقها مبالغة. (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) آخر الأمر وإن كان الحرب بينهم سجالا قبل ذلك. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) أي الذين ثبتوا على الكفر منهم إذا أسلم بعضهم. (إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) يساقون.
(لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٣٧) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ)(٣٨)
(لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) الكافر من المؤمن ، أو الفساد من الصلاح. واللام متعلقة ب (يُحْشَرُونَ) أو (يُغْلَبُونَ) أو ما أنفقه المشركون في عداوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم مما أنفقه المسلمون في نصرته ، واللام متعلقة بقوله (ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب (لِيَمِيزَ) من التمييز وهو أبلغ من الميز. (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) فيجمعه ويضم بعضه إلى بعض حتى يتراكبوا لفرط ازدحامهم ، أو يضم إلى الكافر ما أنفقه ليزيد به عذابه كمال الكانزين. (فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ) كله. (أُولئِكَ) إشارة إلى الخبيث لأنه مقدر بالفريق الخبيث أو إلى المنفقين. (هُمُ الْخاسِرُونَ) الكاملون في الخسران لأنهم خسروا أنفسهم وأموالهم.
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) يعني أبا سفيان وأصحابه والمعنى قل لأجلهم. (إِنْ يَنْتَهُوا) عن معاداة الرسولصلىاللهعليهوسلم بالدخول في الإسلام. (يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) من ذنوبهم ، وقرئ بالتاء والكاف على أنه خاطبهم و «يغفر» على البناء للفاعل وهو الله تعالى. (وَإِنْ يَعُودُوا) إلى قتاله. (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) الذين تحزبوا على الأنبياء بالتدمير كما جرى على أهل بدر فليتوقعوا مثل ذلك.
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)(٤٠)
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) لا يوجد فيهم شرك. (وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) وتضمحل عنهم الأديان الباطلة. (فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الكفر. (فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيجازيهم على انتهائهم عنه وإسلامهم. وعن يعقوب «تعملون» بالتاء على معنى فإن الله بما تعملون من الجهاد والدعوة إلى الإسلام والإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان بصير ، فيجازيكم ويكون تعليقه بانتهائهم دلالة على أنه كما يستدعي إثابتهم للمباشرة يستدعي إثابة مقاتليهم للتسبب.
(وَإِنْ تَوَلَّوْا) ولم ينتهوا. (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاكُمْ) ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم. (نِعْمَ الْمَوْلى) لا يضيع من تولاه. (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) لا يغلب من نصره.
(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللهُ عَلى كُلِّ