تَهْتَدُونَ) (١٥٨)
(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) الخطاب عام ، كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم مبعوثا إلى كافة الثقلين ، وسائر الرسل إلى أقوامهم. (جَمِيعاً) حال من إليكم. (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) صفة لله وإن حيل بينهما بما هو متعلق المضاف إليه لأنه كالتقدم عليه ، أو مدح منصوب أو مرفوع ، أو مبتدأ خبره (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وهو على الوجوه. الأول بيان لما قبله فإن من ملك العالم كان هو الإله لا غيره وفي : (يُحيِي وَيُمِيتُ) مزيد تقرير لاختصاصه بالألوهية. (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ) ما أنزل عليه وعلى سائر الرسل من كتبه ووحيه. وقرئ «وكلمته» على إرادة الجنس أو القرآن ، أو عيسى تعريضا لليهود وتنبيها على أن من لم يؤمن به لم يعتبر إيمانه ، وإنما عدل عن التكلم إلى الغيبة لإجراء هذه الصفات الداعية إلى الإيمان به والاتباع له. (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) جعل رجاء الاهتداء أثر الأمرين تنبيها على أن من صدقه ولم يتابعه بالتزام شرعه فهو يعد في خطط الضلالة.
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩) وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)(١٦٠)
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسى) يعنى من بني إسرائيل. (أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِ) يهدون الناس محقين أو بكلمة الحق. (وَبِهِ) بالحق. (يَعْدِلُونَ) بينهم في الحكم والمراد بها الثابتون على الإيمان القائمون بالحق من أهل زمانه ، أتبع ذكرهم ذكر أضدادهم على ما هو عادة القرآن تنبيها على أن تعارض الخير والشر وتزاحم أهل الحق والباطل أمر مستمر. وقيل مؤمنو أهل الكتاب. وقيل قوم وراء الصين رآهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليلة المعراج فآمنوا به. (وَقَطَّعْناهُمُ) وصيرناهم قطعا متميزا بعضهم عن بعض. (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) مفعول ثان لقطع فإنه متضمن معنى صير ، أو حال وتأنيثه للحمل على الأمة أو القطعة. (أَسْباطاً) بدل منه ولذلك جمع ، أو تمييز له على أن كل واحدة من اثنتي عشرة أسباط فكأنه قيل : اثنتي عشرة قبيلة. وقرئ بكسر الشين وإسكانها. (أُمَماً) على الأول بدل بعد بدل ، أو نعت أسباط وعلى الثاني بدل من أسباط. (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ) في التيه. (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ) أي فضرب فانبجست وحذفه للإيماء على أن موسى صلىاللهعليهوسلم لم يتوقف في الامتثال ، وأن ضربه لم يكن مؤثرا يتوقف عليه الفعل في ذاته (مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ) كل سبط. (مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) ليقيهم حر الشمس. (وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا) أي وقلنا لهم كلوا. (مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) سبق تفسيره في سورة «البقرة».
(وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَظْلِمُونَ)(١٦٢)
(وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) بإضمار اذكر والقرية بيت المقدس. (وَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) مثل ما في سورة «البقرة» معنى غير أن قوله (فَكُلُوا) فيها بالفاء أفاد تسبب