وابن عامر إلا في هذه السورة ، وأبو بكر ونافع في غيرهما وحفص فيما عدا «الطور» ، وهو إما مخفف من المفتوح كسدرة وسدر أو فعل بمعنى مفعول كالطحن. (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) كفيلا بما تدعيه أي شاهدا على صحته ضامنا لدركه ، أو مقابلا كالعشير بمعنى المعاشر وهو حال من الله وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها كما حذف الخبر في قوله : فإني وقيّار بها لغريب. أو جماعة فيكون حالا من (الْمَلائِكَةِ).
(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) من ذهب وقد قرئ به وأصله الزينة. (أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ) في معارجها. (وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ) وحده. (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) وكان فيه تصديقك. (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي) تعجبا من اقتراحاتهم أو تنزيها لله من أن يأتي أو يتحكم عليه أو يشاركه أحد في القدرة ، وقرأ ابن كثير وابن عامر : «قال سبحان ربي» أي قال الرسول : (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً) كسائر الناس. (رَسُولاً) كسائر الرسل وكانوا لا يأتون قومهم إلا بما يظهره الله عليهم على ما يلائم حال قومهم ، ولم يكن أمر الآيات إليهم ولا لهم أن يتحكموا على الله حتى تتخيروها عليّ هذا هو الجواب المجمل وأما التفصيل فقد ذكر في آيات أخر كقوله : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ) ، (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً).
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاَّ أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً (٩٤) قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً)(٩٥)
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) أي وما منعهم الإيمان بعد نزول الوحي وظهور الحق. (إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً) إلا قولهم هذا ، والمعنى أنه لم يبق لهم شبهة تمنعهم عن الإيمان بمحمدصلىاللهعليهوسلم والقرآن إلا إنكارهم أن يرسل الله بشرا.
(قُلْ) جوابا لشبهتهم. (لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ) كما يمشي بنو آدم. (مُطْمَئِنِّينَ) ساكنين فيها. (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً) لتمكنهم من الاجتماع به والتلقي منه ، وأما الإنس فعامتهم عماة عن إدراك الملك والتلقف منه ، فإن ذلك مشروط بنوع من التناسب والتجانس ، وملكا يحتمل أن يكون حالا من رسولا وأن يكون موصوفا به وكذلك بشرا والأول أوفق.
(قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)(٩٦)
(قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) على أني رسول الله إليكم بإظهاره المعجزة على وفق دعواي ، أو على أني بلغت ما أرسلت به إليكم وأنكم عاندتم وشهيدا نصب على الحال أو التمييز. (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) يعلم أحوالهم الباطنة منها والظاهرة فيجازيهم عليها ، وفيه تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم وتهديد للكفار.
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً)(٩٨)
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) يهدونه. (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ) يسحبون عليها أو يمشون بها. روي (أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم كيف يمشون على وجوههم قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم) (عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) لا يبصرون ما يقر أعينهم ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم ولا ينطقون بما يقبل منهم ، لأنهم في دنياهم لم يستبصروا بالآيات والعبر وتصاموا عن استماع الحق وأبوا أن ينطقوا بالصدق ، ويجوز أن يحشروا بعد الحساب من الموقف إلى