للمرضى لا ما يقابل المراد لقيام القاطع على أن الحوادث كلها واقعة بإرادته تعالى.
(ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً)(٣٩)
(ذلِكَ) إشارة إلى الأحكام المتقدمة. (مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ) التي هي معرفة الحق لذاته والخير للعمل به. (وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه ، فإن من لا قصد له بطل عمله ومن قصد بفعله أو تركه غيره ضاع سعيه ، وأنه رأس الحكمة وملاكها ، ورتب عليه أولا ما هو عائدة الشرك في الدنيا وثانيا ما هو نتيجته في العقبى فقال تعالى : (فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً) تلوم نفسك.
(مَدْحُوراً) مبعدا من رحمة الله تعالى.
(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً)(٤٠)
(أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ) خطاب لمن قالوا الملائكة بنات الله ، والهمزة للإنكار والمعنى : أفخصكم ربكم بأفضل الأولاد وهم البنون. (وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) بنات لنفسه وهذا خلاف ما عليه عقولكم وعادتكم. (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) بإضافة الأولاد إليه ، وهي خاصة بعض الأجسام لسرعة زوالها ، ثم بتفضيل أنفسكم عليه حيث تجعلون له ما تكرهون ثم بجعل الملائكة الذين هم من أشرف خلق الله أدونهم.
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤١) قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً)(٤٢)
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) كررنا هذا المعنى بوجوه من التقرير. (فِي هذَا الْقُرْآنِ) في مواضع منه ، ويجوز أن يراد بهذا القرآن إبطال إضافة البنات إليه على تقدير : ولقد صرفنا هذا القول في هذا المعنى أو أوقعنا التصريف فيه ، وقرئ «صرفنا» بالتخفيف. (لِيَذَّكَّرُوا) ليتذكروا وقرأ حمزة والكسائي هنا وفي الفرقان (لِيَذَّكَّرُوا) من الذكر الذي هو بمعنى التذكر. (وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً) عن الحق وقلة طمأنينة إليه. قل لو كان معه آلهة كما تقولون أيها المشركون ، وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم بالياء فيه وفيما بعده على أن الكلام مع الرسولصلىاللهعليهوسلم ، ووافقهما نافع وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر ويعقوب في الثانية على أن الأولى مما أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم ، أن يخاطب به المشركين ، والثانية مما نزه به نفسه عن مقالتهم. (إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) جواب عن قولهم وجزاء ل (لَوْ) والمعنى : لطلبوا إلى من هو مالك الملك سبيلا بالمعازة كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض ، أو بالتقرب إليه والطاعة لعلمهم بقدرته وعجزهم كقولهم تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ).
(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً (٤٣) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً)(٤٤)
(سُبْحانَهُ) ينزه تنزيها. (وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا) تعاليا. (كَبِيراً) متباعدا غاية البعد عما يقولون ، فإنه في أعلى مراتب الوجود وهو كونه واجب الوجود والبقاء لذاته ، واتخاذ الولد من أدنى مراتبه فإنه من خواص ما يمتنع بقاؤه.
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) ينزهه عما هو من لوازم الإمكان وتوابع الحدوث بلسان الحال حيث تدل بإمكانها وحدوثها على الصانع القديم الواجب لذاته. (وَلكِنْ