كذهابه في برهة من الليل مسيرة شهر ومشاهدته بيت المقدس وتمثل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام له ، ووقوفه على مقاماتهم ، وصرف الكلام من الغيبة إلى التكلم لتعظيم تلك البركات والآيات. وقرئ «ليريه» بالياء. (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال محمد صلىاللهعليهوسلم. (الْبَصِيرُ) بأفعاله فيكرمه ويقربه على حسب ذلك.
(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً)(٣)
(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا) على أن لا تتخذوا كقولك : كتبت إليك أن افعل كذا. وقرأ أبو عمرو بالياء على «أن لا يتخذوا». (مِنْ دُونِي وَكِيلاً) ربا تكلون إليه أموركم غيري.
(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) نصب على الاختصاص أو النداء إن قرئ «أن لا تتخذوا» بالتاء على النهي يعني : قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلا ، أو على أنه أحد مفعولي (أَلَّا تَتَّخِذُوا) و (مِنْ دُونِي) حال من (وَكِيلاً) فيكون كقوله : (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من واو (تَتَّخِذُوا) ، و «ذرية» بكسر الذال. وفيه تذكير بأنعام الله تعالى عليهم في إنجاء آبائهم من الغرق بحملهم مع نوح عليهالسلام في السفينة. (إِنَّهُ) إن نوحا عليهالسلام. (كانَ عَبْداً شَكُوراً) يحمد الله تعالى على مجامع حالاته ، وفيه إيماء بأن انجاءه ومن معه كان ببركة شكره ، وحث للذرية على الاقتداء به. وقيل الضمير لموسى عليه الصلاة والسلام.
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً)(٥)
(وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) وأوحينا إليهم وحيا مقتضيا مبتوتا. (فِي الْكِتابِ) في التوراة. (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) جواب قسم محذوف ، أو قضينا على إجراء القضاء المبتوت مجرى القسم. (مَرَّتَيْنِ) إفسادتين أولادهما مخالفة أحكام التوراة وقتل شعياء وقيل أرمياء. وثانيهما قتل زكريا ويحيى وقصد قتل عيسى عليهمالسلام. (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) ولتستكبرن عن طاعة الله تعالى أو لتظلمن الناس.
(فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) وعد عقاب أولاهما. (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا) بختنصر عامل لهراسف على بابل وجنوده. وقيل جالوت الجزري. وقيل سنحاريب من أهل نينوى. (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ذوي قوة وبطش في الحرب شديد. (فَجاسُوا) فترددوا لطلبكم. وقرئ بالحاء المهملة وهما أخوان. (خِلالَ الدِّيارِ) وسطها للقتل والغارة فقتلوا كبارهم وسبوا صغارهم وحرقوا التوراة وخربوا المسجد. والمعتزلة لما منعوا تسليط الله الكافر على ذلك أولوا البعث بالتخلية وعدم المنع. (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) وكان وعد عقابهم لا بد أن يفعل.
(ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً)(٦)
(ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) أي الدولة والغلبة. (عَلَيْهِمْ) على الذين بعثوا عليكم ، وذلك بأن ألقى الله في قلب بهمن بن إسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسف بن لهراسف شفقة عليهم ، فرد أسراهم إلى الشام وملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من أتباع بختنصر ، أو بأن سلط الله داود عليه الصلاة والسلام على جالوت فقتله (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) مما كنتم ، والنفير من ينفر مع الرجل من قومه وقيل جمع نفر وهم المجتمعون للذهاب إلى العدو.
(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا