ثلاثا فأعاد جوابه فقتله ، فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أما الأول فقد أخذ برخصة الله ، وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له).
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٠٩)
(ذلِكَ) إشارة إلى الكفر بعد الإيمان أو الوعيد. (بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ) بسبب أنهم آثروها عليها. (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) أي الكافرين في علمه إلى ما يوجب ثبات الإيمان ولا يعصمهم من الزيغ.
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) فأبت عن إدراك الحق والتأمل فيه. (وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) الكاملون في الغفلة إذ أغفلتهم الحالة الراهنة عن تدبر العواقب.
(لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ) إذ ضيعوا أعمارهم وصرفوها فيما أفضى بهم إلى العذاب المخلد.
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(١١١)
(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) أي عذبوا كعمار رضي الله تعالى عنه بالولاية والنصر ، و (ثُمَ) لتباعد حال هؤلاء عن حال أولئك ، وقرأ ابن عامر (فُتِنُوا) بالفتح أي من بعد ما عذبوا المؤمنين كالحضرمي أكره مولاه جبرا ، حتى ارتد ثم أسلما وهاجرا. (ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا) على الجهاد وما أصابهم من المشاق. (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) من بعد الهجرة والجهاد والصبر. (لَغَفُورٌ) ، لما فعلوا قبل. (رَحِيمٌ) منعم عليهم مجازاة على ما صنعوا بعد.
(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ) منصوب ب (رَحِيمٌ) أو باذكر. (تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها) تجادل عن ذاتها وتسعى في خلاصها لا يهمها شأن غيرها فتقول نفسي نفسي. (وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) جزاء ما عملت. (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) لا ينقصون أجورهم.
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ)(١١٢)
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً) أي جعلها مثلا لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا ، فأنزل الله بهم نقمته ، أو لمكة. (كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) لا يزعج أهلها خوف. (يَأْتِيها رِزْقُها) أقواتها. (رَغَداً) واسعا. (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) من نواحيها. (فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ) بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وأدرع ، أو جمع نعم كبؤس وأبؤس. (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) استعار الذوق لإدراك أثر الضرر ، واللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الجوع والخوف ، وأوقع الإذاقة عليه بالنظر إلى المستعار له كقول كثير :
غمر الرّداء إذا تبسّم ضاحكا |
|
غلقت لضحكته رقاب المال |