(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ) قرأ ابن عامر وحمزة ويعقوب بالتاء على أنه خطاب للعامة. (مُسَخَّراتٍ) مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المؤاتية له. (فِي جَوِّ السَّماءِ) في الهواء المتباعد من الأرض. (ما يُمْسِكُهُنَ) فيه. (إِلَّا اللهُ) فإن ثقل جسدها يقتضي سقوطها ولا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها تمسكها. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) تسخير الطير للطيران بأن خلقها خلقة يمكن معها الطيران ، وخلق الجو بحيث يمكن الطيران فيه وإمساكها في الهواء على خلاف طبعها. (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) لأنهم هم المنتفعون بها.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ)(٨٠)
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً) موضعا تسكنون فيه وقت إقامتكم كالبيوت المتخذة من الحجر والمدر ، فعل بمعنى مفعول. (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) هي القباب المتخذة من الأدم ، ويجوز أن يتناول المتخذة من الوبر والصوف والشعر فإنها من حيث إنها نابتة على جلودها يصدق عليها أنها من جلودها. (تَسْتَخِفُّونَها) تجدونها خفيفة يخف عليكم حملها ونقلها. (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) وقت تر حالكم. (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) ووضعها أو ضربها وقت الحضر أو النزول. وقرأ الحجازيان والبصريان (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) بالفتح وهو لغة فيه. (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها) الصوف للضائنة والوبر للإبل والشعر للمعز ، وإضافتها إلى ضمير (الْأَنْعامِ) لأنها من جملتها. (أَثاثاً) ما يلبس ويفرش. (وَمَتاعاً) ما يتجر به. (إِلى حِينٍ) إلى مدة من الزمان فإنها لصلابتها تبقى مدة مديدة ، أو إلى حين ، مماتكم أو إلى أن تقضوا منه أوطاركم.
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)(٨١)
(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ) من الشجر والجبل والأبنية وغيرها. (ظِلالاً) تتقون بها حر الشمس. (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) مواضع تسكنون بها من الكهوف والبيوت المنحوتة فيها جمع كن. (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) ثيابا من الصوف والكتان والقطن وغيرها. (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) خصه بالذكر اكتفاء بأحد الضدين أو لأن وقاية الحر كانت أهم عندهم. (وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) يعني الدروع والجواشن ، والسربال يعم كل ما يلبس. (كَذلِكَ) كإتمام هذه النعم التي تقدمت. (يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) أي تنظرون في نعمه فتؤمنون به وتنقادون لحكمه. وقرئ «تسلمون» من السلامة أي تشكرون فتسلمون من العذاب ، أو تنظرون فيها فتسلمون من الشرك. وقيل «تسلمون» من الجراح بلبس الدروع.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ)(٨٣)
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) أعرضوا ولم يقبلوا منك. (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) فلا يضرك فإنما عليك البلاغ وقد بلغت ، وهذا من إقامة السبب مقام المسبب.
(يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ) أي يعرف المشركون نعمة الله التي عددها عليهم وغيرها حيث يعترفون بها وبأنها من الله تعالى. (ثُمَّ يُنْكِرُونَها) بعبادتهم غير المنعم بها وقولهم إنها بشفاعة آلهتنا ، أو بسبب كذا أو بإعراضهم عن أداء حقوقها. وقيل نعمة الله نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم عرفوها بالمعجزات ثم أنكروها عنادا ومعنى ثم استبعاد الإنكار بعد المعرفة. (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) الجاحدون عنادا ، وذكر الأكثر إما لأن بعضهم لم يعرف الحق