وإيقاظ لهم حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبروا عواقبهم.
(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ)(٢٣)
(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) بإذن الله تعالى وأمره والمدخلون هم الملائكة. وقرئ «وأدخل» على التكلم فيكون قوله : (بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) متعلقا بقوله : (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) أي تحييهم الملائكة فيها بالسلام بإذن ربهم.
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)(٢٥)
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) كيف اعتمده ووضعه. (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) أي جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) ، ويجوز أن تكون (كَلِمَةً) بدلا من (مَثَلاً) و (كَشَجَرَةٍ) صفتها أو خبر مبتدأ محذوف أي هي (كَشَجَرَةٍ) ، وأن تكون أول مفعولي ضرب إجراء له مجرى جعل وقد قرئت بالرفع على الابتداء. (أَصْلُها ثابِتٌ) في الأرض ضارب بعروقه فيها. (وَفَرْعُها) وأعلاها. (فِي السَّماءِ) ويجوز أن يريد وفروعها أي أفنائها على الاكتفاء بلفظ الجنس لاكتسابه الاستغراق من الإضافة. وقرئ «ثابت أصلها» والأول على أصله ولذلك قيل إنه أقوى ولعل الثاني أبلغ.
(تُؤْتِي أُكُلَها) تعطي ثمرها. (كُلَّ حِينٍ) وقته الله تعالى لإثمارها. (بِإِذْنِ رَبِّها) بإرادة خالقها وتكوينه. (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) لأن في ضربها زيادة إفهام وتذكير ، فإنه تصوير للمعاني وإدناء لها من الحس.
(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ)(٢٦)
(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) كمثل شجرة خبيثة (اجْتُثَّتْ) استؤصلت وأخذت جثتها بالكلية. (مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) لأن عروقها قريبة منه. (ما لَها مِنْ قَرارٍ) استقرار. واختلف في الكلمة والشجرة ففسرت الكلمة الطيبة : بكلمة التوحيد ودعوة الإسلام والقرآن ، والكلمة الخبيثة بالشرك بالله تعالى والدعاء إلى الكفر وتكذيب الحق ، ولعل المراد بهما ما يعم ذلك فالكلمة الطيبة ما أعرب عن حق أو دعا إلى صلاح ، والكلمة الخبيثة ما كان على خلاف ذلك وفسرت الشجرة الطيبة بالنخلة. وروي ذلك مرفوعا وبشجرة في الجنة ، والخبيثة بالحنظلة والكشوث ، ولعل المراد بهما أيضا ما يعم ذلك.
(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ)(٢٧)
(يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن في قلوبهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فلا يزالون إذا فتنوا في دينهم كزكريا ويحيى عليهماالسلام وجرجيس وشمعون والذين فتنهم أصحاب الأخدود. (وَفِي الْآخِرَةِ) فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف ، ولا تدهشهم أهوال يوم القيامة. وروي (أنهصلىاللهعليهوسلم ذكر قبض روح المؤمن فقال : ثم تعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره ويقولان له : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول : ربي الله وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلىاللهعليهوسلم ، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ). (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) الذين