(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) القميص الذي كان عليه. وقيل القميص المتوارث الذي كان في التعويذ. (فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) أي يرجع بصيرا أي ذا بصر. (وَأْتُونِي) أنتم وأبي. (بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) بنسائكم وذراريكم ومواليكم.
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ)(٩٥)
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ) من مصر وخرجت من عمرانها. (قالَ أَبُوهُمْ) لمن حضره. (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) أوجده الله ريح ما عبق بقميصه من ريحه حين أقبل به إليه يهوذا من ثمانين فرسخا. (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) تنسبوني إلى الفند وهو نقصان عقل يحدث من هرم ، ولذلك لا يقال عجوز مفندة لأن نقصان عقلها ذاتي. وجواب (لَوْ لا) محذوف تقديره لصدقتموني أو لقلت إنه قريب.
(قالُوا) أي الحاضرون. (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) لفي ذهابك عن الصواب قدما بالإفراط في محبة يوسف وإكثار ذكره والتوقع للقائه.
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٩٦)
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) يهوذا. روي : أنه قال كما أحزنته بحمل قميصه الملطخ بالدم إليه فأفرحه بحمل هذا إليه. (أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ) طرح البشير القميص على وجه يعقوب عليهالسلام أو يعقوب نفسه. (فَارْتَدَّ بَصِيراً) عاد بصيرا لما انتعش فيه من القوة. (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) من حياة يوسف عليهالسلام ، وإنزال الفرح. وقيل إني أعلم كلام مبتدأ والمقول (لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) ، أو (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ).
(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(٩٨)
(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) ومن حق المعترف بذنبه أن يصفح عنه ويسأله المغفرة.
(قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أخره إلى السحر أو إلى صلاة الليل أو إلى ليلة الجمعة تحريا لوقت الإجابة ، أو إلى أن يستحل لهم من يوسف أو يعلم أنه عفا عنهم فإن عفو المظلوم شرط المغفرة. ويؤيده ما روي : أنه استقبل القبلة قائما يدعو وقام يوسف خلفه وقاموا خلفهما أذلة خاشعين حتى نزل جبريل وقال : إن الله قد أجاب دعوتك في ولدك وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة ، وهو إن صح فدليل على نبوتهم ، وأن ما صدر عنهم كان قبل استنبائهم.
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)(٩٩)
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) روي أنه وجه إليه رواحل وأموالا ليتجهز إليه بمن معه ، واستقبله يوسف والملك بأهل مصر وكان أولاده الذين دخلوا معه مصر اثنين وسبعين رجلا وامرأة ، وكانوا حين خرجوا مع موسى عليه الصلاة والسلام ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعين رجلا سوى الذرية والهرمى. (آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) ضم إليه أباه وخالته واعتنقهما نزلها منزلة الأم تنزيل العم منزلة الأب في قوله : (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ