إخزاء ضيف الرجل إخزاؤه. (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) يهتدي إلى الحق ويرعوي عن القبيح.
(قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ (٧٩) قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ)(٨٠)
(قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) من حاجة (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) وهو إتيان الذكران.
(قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) لو قويت بنفسي على دفعكم. (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) إلى قوي أتمنع به عنكم. شبهه بركن الجبل في شدته. وعن النبي صلىاللهعليهوسلم «رحم الله أخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد». وقرئ «أو آوى» بالنصب بإضمار أن كأنه قال : لو أن لي بكم قوة أو أويا وجواب لو محذوف تقديره لدفعتكم روي أنه أغلق بابه دون أضيافه وأخذ يجادلهم من وراء الباب فتسوروا الجدار ، فلما رأت الملائكة ما على لوط من الكرب.
(قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) (٨١)
(قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) لن يصلوا إلى إضرارك بإضرارنا فهون عليك ودعنا وإياهم ، فخلاهم أن يدخلوا فضرب جبريل عليهالسلام بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم ، فخرجوا يقولون النجاء النجاء فإن في بيت لوط سحرة. (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) بالقطع من الإسراء ، وقرأ ابن كثير ونافع بالوصل حيث وقع في القرآن من السري. (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) بطائفة منه. (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) ولا يتخلف أو لا ينظر إلى ورائه والنهي في اللفظ لأحد وفي المعنى للوط. (إِلَّا امْرَأَتَكَ) استثناء من قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) ويدل عليه أنه قرئ فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك ، وهذا إنما يصح على تأويل الالتفات بالتخلف فإنه إن فسر بالنظر إلى الوراء في الذهاب ناقض ذلك قراءة ابن كثير وأبي عمرو بالرفع على البدل من أحد ، ولا يجوز حمل القراءتين على الروايتين في أنه خلفها مع قومها أو أخرجها فلما سمعت صوت العذاب التفتت وقالت يا قوماه فأدركها حجر فقتلها ، لأن القواطع لا يصح حملها على المعاني المتناقضة ، والأولى جعل الاستثناء في القراءتين من قوله : (وَلا يَلْتَفِتْ) مثله في قوله تعالى : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ) ولا يبعد أن يكون أكثر القراء على غير الأفصح ، ولا يلزم من ذلك أمرها بالالتفات بل عدم نهيها عنه استصلاحا ولذلك علل على طريقة الاستئناف بقوله : (إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) ولا يحسن جعل الاستثناء منقطعا على قراءة الرفع. (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) كأنه علة الأمر بالإسراء. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) جواب لاستعجال لوط واستبطائه العذاب.
(فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)(٨٣)
(فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) عذابنا أو أمرنا به ، ويؤيده الأصل وجعل التعذيب مسببا عنه بقوله : (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) فإنه جواب لما وكان حقه : جعلوا عاليها سافلها أي الملائكة المأمورون به ، فأسند إلى نفسه من حيث إنه المسبب تعظيما للأمر فإنه روي : (أن جبريل عليهالسلام أدخل جناحه تحت مدائنهم ورفعها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نباح الكلاب وصياح الديكة ثم قلبها عليهم). (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها) على المدن أو على شذاذها. (حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) من طين متحجر لقوله : (حِجارَةً مِنْ طِينٍ) وأصله سنك كل فعرب. وقيل إنه من أسجله إذا أرسله أو أدر عطيته ، والمعنى من مثل الشيء المرسل أو من مثل العطية في الإدرار ،