قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٣ ]

أنوار التنزيل وأسرار التأويل [ ج ٣ ]

117/299
*

أو للربط بما قبلها ، والدلالة على أن مجيء الكتاب الجامع بين هذه الصفات موجب للفرح وتكريرها للتأكيد كقوله :

وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي

وعن يعقوب «فلتفرحوا» بالتاء على الأصل المرفوض ، وقد روي مرفوعا ويؤيده أنه قرئ «فافرحوا». (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) من حطام الدنيا فإنها إلى الزوال قريب وهو ضمير ذلك. وقرأ ابن عامر تجمعون بالتاء على معنى فبذلك فليفرح المؤمنون فهو خير مما تجمعونه أيها المخاطبون.

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ (٥٩) وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ)(٦٠)

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ) جعل الرزق منزلا لأنه مقدر في السماء محصل بأسباب منها ، وما في موضع النصب ب (أَنْزَلَ) أو ب (أَرَأَيْتُمْ) فإنه بمعنى أخبروني ، ولكم دل على أن المراد منه ما حل ولذلك وبخ على التبعيض فقال : (فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَحَلالاً) مثل : (هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ) [وعند قوله تعالى] (ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) في التحريم والتحليل فتقولون ذلك بحكمه. (أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ) في نسبة ذلك إليه ويجوز أن تكون المنفصلة متصلة ب (أَرَأَيْتُمْ) وقل مكرر للتأكيد وأن يكون الاستفهام للإنكار ، و (أَمْ) منقطعة ومعنى الهمزة فيها تقرير لافترائهم على الله.

(وَما ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أي شيء ظنهم. (يَوْمَ الْقِيامَةِ) أيحسبون أن لا يجازوا عليه ، وهو منصوب بالظن ويدل عليه أنه قرئ بلفظ الماضي لأنه كائن ، وفي إبهام الوعيد تهديد عظيم (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) حيث أنعم عليهم بالعقل وهداهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب. (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) هذه النعمة.

(وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٦١)

(وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ) ولا تكون في أمر ، وأصله الهمز من شأنت شأنه إذا قصدت قصده والضمير في (وَما تَتْلُوا مِنْهُ) له لأن تلاوة القرآن معظم شأن الرسول ، أو لأن القراءة تكون لشأن فيكون التقدير من أجله ومفعول تتلو (مِنْ قُرْآنٍ) على أن (مِنْ) تبعيضية أو مزيدة لتأكيد النفي أو لل (قُرْآنٍ) ، وإضماره قبل الذكر ثم بيانه تفخيم له أو لله. (وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ) تعميم للخطاب بعد تخصيصه بمن هو رأسهم ، ولذلك ذكر حيث خص ما فيه فخامة وذكر حيث عم ما يتناول الجليل والحقير. (إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً) رقباء مطلعين عليه. (إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) تخوضون فيه وتندفعون. (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ) ولا يبعد عنه ولا يغيب عن علمه ، وقرأ الكسائي بكسر الزاي هنا وفي «سبأ». (مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ) موازن نملة صغيرة أو هباء. (فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) أي في الوجود والإمكان فإن العامة لا تعرف ممكنا غيرهما ليس فيهما ولا متعلقا بهما ، وتقديم الأرض لأن الكلام في حال أهلها والمقصود منه البرهان على إحاطة علمه بها. (وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) كلام برأسه مقرر لما قبله و (لا) نافية و (أَصْغَرَ) اسمها و (فِي كِتابٍ) خبرها. وقرأ