فالجواب : أنه أعاده ؛ لطول الكلام بينهما ، ولأن الابتلاء الأول هزيمة المؤمنين ، والابتلاء الثاني سائر الأحوال.
فإن قيل : قوله : (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ) المراد منه القلب ؛ لقوله : (الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) فجعل متعلق الابتلاء ما انطوى عليه الصّدر ـ وهو ما في القلب من النّيّة ـ وجعل متعلق التمحيص ما في القلب ـ وهو النيات والعقائد ـ فلم خالف بين اللفظين في المتعلّق؟
فالجواب : أنه لما اختلف المتعلّقان حسن اختلاف لفظيهما. ثم قال : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي : الأسرار والضمائر ؛ لأنها حالّة فيها ، مصاحبة لها ، وذكر ذلك ليدل به على أن ابتلاءه لم يكن لأنه يخفى عليه ما في الصدور وغيره ـ لأنه عالم بجميع المعلومات ـ وإنما ابتلاهم لمحض الإلهية.
تمّ الجزء الخامس ، ويليه الجزء السّادس
وأوّله : «قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ...)»