بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة آل عمران
حكى النّقاش : أنّ هذه السورة اسمها في التوراة «طيبة» مدنية بالإتفاق ، وهي مائتا آية ، وثلاثة آلاف وأربعمائة وثمان كلمات ، وأربعة عشر ألفا وخمسمائة وعشرون حرفا.
قوله تعالى : (الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ)(٤)
قوله : (الم) قد تقدم الكلام على هذا مشبعا ، ونقل الجرجانيّ ـ هنا ـ أن «الم» إشارة ، إلى حروف المعجم ، كأنه يقول : هذه الحروف كتابك ـ أو نحو هذا ـ ويدل (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) على ما ترك ذكره من خبر هذه الحروف ، وذلك في نظمه مثل قوله تعالى : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ)؟ وترك الجواب لدلالة قوله : (فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ) [الزمر : ٢٢] عليه ؛ تقديره : كمن قسا قلبه.
ومنه قول الشاعر : [الطويل]
١٣١٥ ـ فلا تدفنوني إنّ دفني محرّم |
|
عليكم ولكن خامري أمّ عامر (١) |
أي : ولكن اتركوني للتي يقال لها خامري أم عامر «انتهى».
قال ابن عطية (٢) : يحسن في هذا القول ـ يعني قول الجرجانيّ ـ أن يكون «نزّل» خبر ، قوله : «الله» حتى يرتبط الكلام إلى هذا المعنى.
قال أبو حيّان (٣) : وهذا الذي ذكره الجرجاني فيه نظر ؛ لأن مثليته ليست صحيحة الشبه بالمعنى الذي نحا إليه ، وما قاله في الآية محتمل ، ولكن الأبرع في [نظم](٤) الآية أن يكون «الم» لا يضمّ ما بعدها إلى نفسها في المعنى ، وأن يكون قوله (٥)(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا
__________________
(١) البيت للشنفرى ـ ينظر الأغاني ٢١ / ١٣٦ والحماسة بشرح التبريزي ٢ / ٦٣ والصناعتين ص ١٣٨ وذيل الأمالي ٣٦ والشعر والشعراء ١ / ٢٦ وأمالي المرتضى ٢ / ٧٢ والبحر المحيط ٢ / ٣٩١ والدر المصون ٢ / ٣.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ١ / ٣٩٦.
(٣) البحر المحيط ٢ / ٣٩١.
(٤) سقط في أ.
(٥) في أ : وأن يكون قوله.