فصل
ترجم ابن ماجه في سننه «دواء عرق النساء» وروى بسنده عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «شفاء عرق النّسا ألية شاة ، [أعرابية] تذاب ، ثمّ تجزّأ ثلاثة أجزاء ، ثمّ تشرب على الرّيق في كلّ يوم جزءا» (١).
وفي رواية عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ في عرق النسا ـ : «تؤخذ ألية كبش عربيّ ـ لا صغير ولا كبير ـ فتقطّع صغارا ، فتخرج إهالته ، فتقسّم ثلاثة أقسام ، قسم في كلّ يوم على الرّيق» (٢) قال أنس : فوصفته لأكثر من مائة ، فبرئوا ـ بإذن الله عزوجل ـ ، وروى شعبة قال : حدثني شيخ ـ في زمن الحجّاج بن يوسف ـ في عرق النسا ، يمسح على ذلك الموضع ، ويقول أقسم لك بالله الأعلى ، لئن لم تنته لأكويّنك بنار ، أو لأحلقنّك بموسى.
قال شعبة : قد جرّبته ، لقوله : وتمسح على ذلك الموضع.
فصل
دلّت هذه الآية على جواز الاجتهاد للأنبياء ؛ ولأنه إذا شرع الاجتهاد لغيرهم ، فهم أولى ؛ لأنهم أكمل من غيرهم ، ومنع بعضهم ذلك ؛ لأنهم متمكنون من الوحي ، وقال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) [التحريم : ١].
فصل
ظاهر الآية يدل على أنّ الذي حرمه إسرائيل على نفسه ، قد حرّمه الله على بني إسرائيل ؛ لقوله تعالى : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ ،) فحكم بحلّ كل أنواع المطعومات لبني إسرائيل ، ثم استثنى منها ما حرمه إسرائيل على نفسه ، فوجب ـ بحكم الاستثناء ـ أن يكون ذلك حراما عليهم.
فصل
ومعنى قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) أي : قبل نزول التوراة كان حلّا لبني إسرائيل كلّ المطعومات سوى ما حرمه إسرائيل على نفسه ، أما بعد نزول التوراة ، فلم يبق كذلك بل حرم الله ـ تعالى ـ عليهم أنواعا كثيرة.
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه (٢ / ١١٤٧) كتاب الطب باب دواء عرق النساء رقم (٣٤٦٣) والحاكم (٤ / ٢٠٦) عن أنس بن مالك وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقال البوصيري في «زوائد ابن ماجه» (٣ / ١٢٤) : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
(٢) أخرجه الحاكم في مستدركه (٤ / ٢٠٧) من طريق هشام بن حسان عن أنس بن مالك مرفوعا. وقال صحيح على شرط الشيخين وصححه الذهبي.