وقيل : بل هو من السيمياء ـ وهي الحسن ـ فمعنى مسومة : أي : ذات حسن (١) ، قاله عكرمة ، واختاره النحاس ؛ قال لأنه من الوسم ، ورد عليه بعضهم : باختلاف المادتين ، وأجاب بعضهم بأنه من باب المقلوب ، فيصح ما قاله وتقدم تحقيق ذلك في «يسومونكم» وقوله «بسيماهم».
فصل
قال القرطبيّ : جاء في الخبر عن علي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أن الله عزوجل خلق الفرس من الريح ، ولذلك جعلها تطير بلا جناح (٢).
قال وهب بن منبه : خلقها من ريح الجنوب. وفي الخبر : أن الله تعالى عرض على آدم جميع الدواب ، فقال له : اختر منها واحدة ، فاختار الفرس ، فقيل له : اخترت عزّك ، فصار اسمه الخيل من هذا الوجه ، وسمّي خيلا ؛ لأن من ركبها اختال على أعداء الله ، وسمّي فرسا ؛ لأنه يفترس مسافات الجو افتراس السبع ، ويقطعها كالالتهام بيديه على الشيء خطفا وتناولا ، وسمي عربيّا ؛ لأنه جيء به من بعد آدم لإسماعيل ؛ جزاء على رفع قواعد البيت ، وإسماعيل عربي ، فصارت له نحلة من الله ، وسمي عربيا ، وفي الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يدخل الشّيطان دارا فيها فرس عتيق» (٣) ، وإنما سمي عتيقا ؛ لأنه تخلص من الهجانة ، وقال ـ عليهالسلام ـ : «خير الخيل الأدهم ، الأقرع ، الأرثم ثم الأقرح المحجل طلق اليمين» (٤).
قوله : (وَالْأَنْعامِ) جمع نعم ، والنعم مختصة بالإبل ، والبقر ، والغنم.
وقال الهروي : النعم يذكر ويؤنث ، فإذا جمع أطلق على الإبل والبقر والغنم ، وظاهر هذا أنه ـ قبل جمعه على أنعام ـ لا يطلق على الثلاثة ، بل يختص بواحد منها ، وقد صرّح الفراء بهذا ، فقال النعم : الإبل فقط قال بعضهم لكونها تشبه النعام في جزاء الصبر. وقال ابن كيسان : إذا قلت : نعم لم يكن إلا للإبل وإذا قلت : أنعام وقعت على الإبل وكل ما يرعى ؛ قال حسان : [الوافر]
١٣٦٣ ـ وكانت لا يزال بها أنيس |
|
خلال مروجها نعم وشاء (٥) |
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٢٥٣) عن عكرمة.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» الجامع لأحكام القرآن (٤ / ٣٢).
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٤ / ٢٢).
(٤) أخرجه الترمذي (١٦٩٧) وابن ماجه (٢٧٨٩) والحاكم (٢ / ٩٢) وأحمد (٥ / ٣٠٠) والبيهقي (٦ / ٣٣٠) والطيالسي (١ / ٢٤٢) رقم (١٧٨٨) وابن حبان (١٦٣٣ ـ موارد).
وقال الترمذي : حسن غريب صحيح.
وقال الحاكم : هذا حديث غريب صحيح وقد احتجّ الشيخان بجميع رواته ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٥) ينظر : القرطبي ٤ / ٢٣.