المتجدد استفادة من تقدم الجغرافية وصنعة رسم الخرائط وإتقان أمرهما وتصوير المناظر واظهارها في السينما. فالضرورة تدعو إلى ذلك لتكمل المطالب ، وتتلاحق التدوينات استفادة من وسائل الفن.
نعم ، يهمّنا تثبيت الموجود من عشائر ومواطن ، وما هنالك من حياة بدوية. فاذا كنّا محتاجين إلى معرفة قومنا ، وهذه الحاجة أكيدة ، فلا شك ان الضرورة تدعو إلى وقوف على المواطن أيضا لا سيما المتصل بجزيرة العرب موطننا الاصلي. هذا عدا ما هنالك من خدمة أدب الامة ، شعرها ولغتها ووقائعها التاريخية ، وهكذا معرفة عيشة البادية في مواطن الكلأ ، والمياه والآبار ، والبوادي والقفار والطرق وكل ما يتصل بحياة البادية.
كل ذلك دعا أكابر الادباء والمؤرخين قديما أن يتوسعوا في التحقيق ، فخلدوا ما يتعلق بالادب ، وبالاشخاص من شعراء وأدباء ونسّابة ، كما بيّنوا محل ظهور الادباء وما جاء في الشعر ، او في الحديث ، او في الكتابة من أمكنة وبقاع .. فكنا نستعين بما خلفه علماء الامة وادباؤها في التحقيق والتعريف.
ونحن في حالتنا الحاضرة في أشد الحاجة للتعريف بالبادية وشؤونها لنقدم للحكيم ما يستعين به ، فيقوم بأمر التوجيه الاجتماعي ، وللامة الاخذ بالصحيح من هذا التوجيه فلا نستغني بوجه عن المراجعة لحل أعوص المشاكل في (حياة العشائر) ، وأن نستمر في التدوين والتمحيص معا ، ومثل هذه لا يتيسر أمرها إلا أن نستوفي المعرفة للحالة الحاضرة ، فنكتب ما نستطيع من ظاهر وخاف.» ١ ه (١).
وهذه تبصرنا بالعشائر ، وكلامنا الآن في (العشائر الريفية) الحاضرة وقد اجتازت خطوة نحو الحضارة ، فاستقرت في مواطن خاصة ، ولا شك
__________________
(١) من مقدمتي لكتاب البادية.