على وجه نهار؟ وكيف تحرمني من مثل هذه الغارة ...!! ولكننا رأينا من مالوا إلى الأرياف تركوا الغزو ومالوا إلى الهدوء والطمأنينة ... وكل أهل الأرياف بدو في الاصل.
وهنا ألفت النظر إلى أن الزراعة صعبة على البدوي ، ولا يتعوّد عليها بسهولة ، فمن الضروري اعداد مراع له ، وزراعة أقرب إلى المراعي. لصعوبة عملها الشاق عليه. ولكن الوسائل الحديثة والآلات الزراعية سهلت التقريب إلى الأرياف. ومع هذا نرى ضرورة انعدام الغزو قد قربته كثيرا وجعلته يتولى ادارة الزراعة لا أن يقوم بالفلاحة. ولذا نرى من دخل الأرياف تولى رئاسة العشيرة لان فكر البدوي جوّال ممرن على التفكير وانه لا يصبر على الحياة المطردة في الزراعة. فان زوبعا وشمر طوقه وبني لام لم يعتادوا الزراعة إلا بعد قرون. وشمر وعنزة والضفير لا تزال على البداوة مع مرور مئات السنين. والذين تولوا رئاسة الاكرع وبعض عشائر الأرياف من البدو ليسوا بالقليلين ...
وأكبر حاجة البدوي إلى المراعي الخصبة لتربية الإبل ، والخيل ، ومراعاة الصيد وما ماثلها. وفي هذه ما يسدّ حاجات مدنية كثيرة يؤديها البدو. والمشاريع الكبرى المغريات للبدوي تزيد في أمله ، ويميل اليها بقوة ورغبة. وبذلك يغير أوضاعه الاجتماعية ونظمه المعتادة. وهذه النظم سريعة الزوال بذهاب البواعث والاسباب التي دعت اليها. ووسائل التوطين والميل إلى الأرياف كان يبذل لها البدوي ما استطاع من قوة. فاذا حصلت له عدها نعمة ، وترك ما كان عليه.
والملحوظ ان البدوي لا يتحمل ارهاق الملاكين أو أرباب اللزمة. ومن الضروري اتخاذ التدابير لاجل أن لا يتحكم به هؤلاء ممن استأثروا بالارضين وصاروا يقاسمون الفلاحين في الاراضي السيحية على اكثر من النصف وذلك ما لا يدع مجالا للفلاحين أن يعيشوا. وان تكاثر النفوس يزيد في التحكم أو يدعو إلى ايجاد مشاريع جديدة.