فأدى ذلك إلى نفرة أصحاب القرى مثل ألبو متيوت فتجمعت النفرة واتفق الكل على معارضة هذه العشيرة ، والتنديد بها في كل حادث يصدر منها ... ومن أكبرها نفرة أولئك التجار من أهل الموصل من اجل انهم لم يكونوا أحرارا في تصرفاتهم مع الخارج وهو مورد رزق الكثيرين ، فسلب منهم ، واستولى على مرافقهم رجال هذه العشيرة فحرموا الفائدة ولم يتفاهموا معهم.
كل هذا أدى إلى التشنيع عليهم ، وسبب أن ينطق جماعات بأقلامهم ، ويتشكوا بلسانهم ، ويتظلموا منهم الامر الذي جعل صوتهم عاليا في الصحف ، والتنديدات عظيمة منهم ، ولكنها من جهة واحدة ولا مناضل أو مدافع عن رجال شمر. وقد صدق سعد الشيرازي في قوله ما معناه ان القلم بيد الاعداء يكتبون ما أوحاه لهم من حنق ، وما دعا من تنديد ، فاتخذ وسيلة على خلاف حقيقة الوضع أو اكباره وعلى ما هو مؤثر في الرأي العام باظهار ان شمر من الجناة العتاة في وقت نرى الرزق عندهم محدودا ، ولا طريق للتعيش ، بل ضاق كثيرا. يراد منهم أن يموتوا جوعا دون أن يعملوا لبقائهم ، وان يتحرروا موارد رزقهم ، فصاروا يتاجرون أيضا. ولم يتفاهموا معهم في التجارة. والحاجة الاقتصادية تؤدي إلى اكبر من ذلك دون التفاهم من طريقه. فما العمل تجاه ذلك؟ فهل نكتفي بالتسكين للحوادث بالقوة فلم نتخذ للامر تدابير ناجعة بحيث تذل لحد ان تتبعثر حالتها وان تدمر ، ولا نفتح لها باب رزق يؤدي إلى اعاشتها ، فندعها تتدهور فتحرم الاستفادة منها في مواطن الحاجة الملحوظة لا سيما بعد منع الغزو. فلم نتخذ ما يلزم؟!
ان هذه (السياسة) في مثل هذه وغيرها تحتاج إلى عقل فعال جوال ، وان الحكمة تدعو إلى محافظة الموازنة ، وأن تنال الامة الطمأنينة لا بالفتك والتدمير بل من طريق التوجيه الاجتماعي والاقتصادي ، والحالة لا تداوى مع بقاء العوامل الحاكمة أو المتحكمة دون ان يؤخذ من زمامها لتصد غوائل عديدة.