اللهِ) :
(ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ٩٦.
«ما عندكم» ككل وإياكم «ينفد» وهو نافد في أصله بوصله وفصله على أية حال ، مهما كان له بقاء حينا او أحيانا (وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) ـ (وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٤٢ : ٣٦) واين بقاء من بقاء ، فانه في الحق فناء أمام ذلك البقاء.
ضابطة عامة تستغرق كل ما عندنا نفادا ، وما عند الله بقاء دونما استثناء ، ولأن «باق» تقابل «ينفد» فلتعن الأبدية بإرادة الله ، إذا فما عند الله من الجنة ونعيمها باق بأهلها لا يزول ، ومما عندنا العذاب على ما عندنا من أسبابه فهو ينفد مهما كان خلودا ابديا! بل وكذلك خير ما عندنا لو لا رحمة الله وفضله وعطاءه غير المجذوذ ، حيث يستمر بخيراتنا استطارة لها الى يوم القيامة والى غير النهاية.
ومن البقاء لما عند الله (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) فأحسن ما كانوا يعملون هو جزاءهم (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩ : ١٢١) كما به جزاءهم بأحسن جزاء وهو الجزاء الباقي.
فقد يجزى المحسن الصابر بكل حسناته ، فجزاءه إذا درجات ، ولكنه يجزى بأحسن اعماله فجزاءه كله بأحسن درجات ، ام يجزى بأحسن ولكنه على قدره فهو مما ينفد ، ولكنه جزاء بالأحسن من احسن اعماله فهو باق (وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ).
وليس هناك إلغاء في جزاء الحسن من الأعمال ، بل الحسن يجزى به