وترى هذه (أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) و (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) (١١ : ١١١) و (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٥٢ : ٢١) كما هي قضية العدل على اية حال؟
فما هي ـ بعد ـ (وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (٣٩ : ٧) اعبثا في التخفيف (مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) وظلما أن يحمّلها هؤلاء المضلّلون!؟.
فهل إن «من» هنا زائدة ف (أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) يحمّلها أنفسها المضللون أنفسهم ، وكما أن أوزار المضلّلين لهم أنفسهم حملا وحملا على سواء؟ فهذه قولة زائدة لفظيا إذ لا زائدة في القرآن! ومعنويا حيث المضلّل عليه وزران وزر الضلال ووزر الإضلال ، ثم ليس على المضلّل إلّا وزر الضلال ، فلا بد للمضل من وزر زائد على ضلاله بإضلاله ، وهو مثل أوزار الذين يضلونهم.
«من أوزار» لا تعني بعضا من نفس الأوزار حتى يقتضي المباعضة في أصل الأوزار ، وانما جنسا مماثلا لما عملوا كما هم ضلوا قدر ما أضلوا ف «من» جنسية تفيد المماثلة ، لا تبعيضية ، وهذه قضية الجمع بين قبيلي الآيات ، تقديما لصريح آية الوازرة وأمثالها ، على (مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) المرددة بين التبعيض والمماثلة فلا (أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) إذ (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ولا بعض الأوزار بنفس السند ، وإنما مثل أوزارهم ما بقوا وبغوا ، المعبر عنها ب (مِنْ أَوْزارِ ..) حيث تعني مثل الأوزار فانه جنسها ، فكما عليهم تلكم الأوزار لو عملوا اعمالها ، كذلك عليهم مثلها حيث سنوا سنتها.
او يقال ان لضلال (الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) بعدين ، ثانيهما انه أثر الإضلال ، إذا فلكلّ من المضلّل والضال نصيبا من وزر ذلك الضلال ، من