علّه تتمة لاستئصال أي إصراخ من الجانبين ، موعودا وغير موعود ، ولان الأتباع قد ينفعون المتبوعين يوم الدنيا ويظن كذلك يوم الدين ، فلسلبية الإصراخ منهم موقع كما منه.
ثم استئصالا لأية صلة مصرخة بينه وبينهم يكفر بما أشركوه : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) مما يدل على أن كل اتّباع للشيطان فيه إشراك له بالله مهما اختلفت الدركات.
ومهما كان (إِنِّي كَفَرْتُ) هنالك إيمانا منه ولكنه لا يقبل منه ، وإنما هو تبكيت وتنديد بالذين يتولونه والذين هم به مشركون.
(إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وذلك من أظلم الظلم أن يتسامح الإنسان عن كل ما منحه الله من ضمير وعقلية وشرعة ، أمام من؟ أمام الشيطان عدو الله وعدو الإنسان.
(وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ)(٢٣).
وإذا كان تحية أهل الجنة «سلام» فهي هي التحية الإيمانية لهم يوم الدنيا ، حيث الأخرى مثال للأولى ، وأين تحية سلام للذين يتولون الرحمن وتحية سام للمتولين الشيطان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟
والخلود بإذن الرب يؤذن بأنه رحمة فائضة زائدة على التي يستحقونها ، وإنما الربوبية الرحيمية هي الموجبة لفائضة الرحمة الخالدة اللانهائية.
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ (١) يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ)(٢٦).