مبدء الكون ومسيره ومصيره ، فنكون على بصيرة من أمرنا في الحياة كل الحياة.
(وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(١٤).
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٣٥ : ١٢).
فالبحر هناك كما هنا يعم العذب الفرات والملح الأجاج ، سخره الله لمن سخر ومنهم نحن الآكلون منه لحما طريا .. إذ لم يأت هنا «لكم» وانما «لتأكلوا ..» مما يلمح انه مسخر لجموع منهم نحن الناس ، فالبحر مسخر لحيوانه ، ولجنّه كما لإنسانه امّن هو من المسخّر لهم ، غير المذكورين هنا.
و «لتأكلوا» هنا كغاية اولى لتسخير البحر ، ضابطة عامة لحل كل لحم في البحر طري ، من انواع الأسماك والحيتان وسواها من ذوات اللحم ، فإذا ثبت بكتاب او سنة استثناء لحم من حلّه استحرمناه ، وإذا ثبت حلّ شيء منه بنص كالاسماك ذوات الأفلاس والروبيان استحللناه ، وإذا ترددنا في ثالث حلا وحرمة أبقيناه في عموم الحلّ سنادا الى ضابطة (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) اضافة الى قاعدة الحل المستفادة من مثل (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٢ : ٢٩) فالكلب والخنزير وكافة السباع البحرية محرمة كالبرية للنصوص المطلقة فيها الشاملة لهما ، كما تحرم غير ذوات الأفلاس من الأسماك حسب النص الخاص ، فإذا ترددنا في سمك ليس له فلس بالفعل انه في الأصل من ذوات الأفلاس حتى تحل ، ام غيرها حتى تحرم ، كالخاويار ، حللناها تمسكا بإطلاق الحلّ ، حيث الثابتة حرمتها منها هي فقط غير ذوات