فمن مخلفات ذلك الدخل الدغل ان «تزل قدم» لكم بعد ثبوتها إذ نقضتم عهد الله بعد توكيدها ، ثم (فَتَزِلَّ قَدَمٌ) لآخرين من بسطاء المؤمنين (بَعْدَ ثُبُوتِها) حيث يحوّرهم مما يحيّرهم دخل الأيمان ، ان لو كان الايمان حقا لم ترجع هذه الجماعة عن ربقته وكتلته ، وهذه فعلة المنافقين وكما تآمروا فيما بينهم : (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣ : ٧٢).
و (بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) برهان على قدم ثان ، انها تزل بدخل الإيمان بعد ثبوتها ، (وَتَذُوقُوا السُّوءَ) قد تعم سوء الدنيا والبرزخ (وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) يوم القيامة ، ام ان الأول للأولى حاليا ورجعة ، والثاني للثانية برزخا وقيامة ، فهما على اية حال عذابان اثنان أولهما ذوق السوء لا نفسه تماما ، وثانيهما نفس السوء تماما وهو (عَذابٌ عَظِيمٌ).
(وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ٩٥.
(ثَمَناً قَلِيلاً) هو كل متع الحياة المتخلفة عن عهد الله ، فان كثيرها قليل بجنب الله ، ولان عهد الله هنا هو عند الذي عاهد الله ، فاشتراء ثمن به هو إعطاء عهد الله نقضا باتخاذه دخلا ، وأخذ ثمن بديله أيا كان فانه قليل على أية حال ، ومهما كان هو من الخير ف (إِنَّما عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) كمؤمنين (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ما عند الله عما سواه.
نرى انه دخلت في الإسلام جموع كثيرة بسبب ما رأوا من وفاء للمسلمين بعهودهم ، فكان المكسب في الوفاء أضخم وأتم من بعض الخسارات الوقتية التي نشأت عن تمسكهم بعهودهم المصابة او الخاطئة.
ولقد ترك القرآن في النفوس ذلك الطابع الإسلامي السامي من الالتزام بالعهود ، لحد يسميها عهد الله ، ويسمي نتيجة الوفاء به (ما عِنْدَ