فوقهم ، فهو يختلف عن التكبر ، فالله متكبر كبير ، يظهر الكبرياء الكائنة لذاته المقدسة قولا وفعلا ، وليس مستكبرا يطلب الكبرياء ، إذ لا تنقصها ذاته ولا صفاته وأفعاله فكيف يطلب.
فالاستكبار مذموم على أية حال لأنه طلب ما لا يعنيه ولا يمكن لاختصاصه بالله ، والتكبر منه ممدوح كما لله ، والتكبر مع المتكبر فانه عبادة لله ومنه مذموم وهو التظاهر بكبرياء ليست له ، سواء أكانت له ممكنة كالكبرياء الممكنة ، ام مستحيلة ككبرياء الربوبية المستحيلة للمربوبين.
(وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) قد تعم طلب الكبرياء الممكنة التي لمن فوقهم كالرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما الاستكبار على الله.
(يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) ٥٠.
(.. بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٢١ : ٢٧).
(يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ). (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) هما من الشواهد القاطعة انهم كسائر المكلفين مكلفون تحت الأمر والنهي ، إلّا انهم معصومون فلا يعصون ، إذا ف «يخافون» هو الخوف من جرّاء العصيان ، دون مجرد خوف الاستعظام فانه الإشفاق ، فلان الله لا يخاف من ظلمه ام جهله سبحانه فهو ـ إذا ـ يخاف لعصيان من الخائف بجنبه ، وكما السابقون والمقربون وهم فوق الملائكة (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ). يخافون حتى أفضلهم محمد وهو أوّل العابدين : (.. قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٠ : ١٥) مهما كان ذلك خوفا مع استعظام لمقام الرب (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) (٧٩ : ٤٠).
إذا فباحرى للملائكة ان يخافوا مقام ربهم (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) (١٣ : ١٣) (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ