ثم (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) بيان لسبب إخراجه عنها فانها من الملاء الأعلى ، وإخبار بأن إخراجه منها هو برجم الأحجار السماوية والنيازك النارية ، ثم هو وذريته (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٣٧ : ٩) فهو ـ إذا ـ رجيم في البداية والى النهاية ، وذريته ترجم إذا تسمعت الى الملإ الأعلى منذ خلقت ، واما سائر الجن فغير مرجمين ولا مدحورين إلّا منذ الرسالة الإسلامية كما فصلناه في الجن : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً).
(وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ)(٣٥).
هنا (عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ) وفي ص (عَلَيْكَ لَعْنَتِي)(٥٨) والفارق ان «اللعنة» أعم من «لعنتي» فتلك لعنة من كل لا عن خالقا ومخلوقا ، فممن سوى الله دعاء ان يلعنه الله بما يضلّل ، ومن الله تحقيق اللعنة عليه جزاء بما التعن ، واجابة لمن دعى عليه باللعن.
فما من عصيان إلّا وللشيطان فيه نصيب قل او كثر ، فهو شريك كافة اللعناء بعصيان في الالتعان ، وكذلك كافة المؤمنين وقاية لهم عن العصيان ، اضافة الى مآسيه ومعاصيه الشخصية ومنذ ترك السجود لآدم.
وحتى في العصيانات التي هي استمرارية لما بدء وفتح ، إذا لم يكن له دخل مستقيم في كل فرد منها ، فعليه لعنة من كلّ منها لان «من سن سنة سيئة فعليه وزر من عمل بها الى يوم القيامة ولا ينقص أولئك من أوزارهم شيئا»! لعنة ذات بعدين بعيدين في أغوار الزمن منذ بداية التكليف الى يوم الدين.
ولماذا (إِلى يَوْمِ الدِّينِ)؟ لأنه يحمل مثل كل عصيان الى يوم الدين حيث سنّه ، وأنه عزم على استكباره هذا الى يوم الدين ، وعلم الله تعالى ذلك منه ولو لم يقل (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ)! فانه اجتث عن نفسه ذلك السجود