يفترى على الله وهو المؤمن بآيات الله ، فهل الكافرون بآياته صادقون ، والمؤمن بها كاذب مفتر على الله! (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى)!
او يعجز الله ان يحجز المفتري عليه وحيا رساليا ، وذلك الحجز ضرورة تصفوية للرسالات الإلهية؟ وكيف بإمكان المفتري ان يأتي بآية إلهية قاطعة الدلالة فهو يسامي الله في إتيان آية؟
وكيف بالإمكان ان هكذا مفتر ينسب ما أتى به الى الله ان كان يريد مسا بكرامة الله ، ولا يدّعيه لنفسه حتى يظهر مساماته لله؟!
(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) ١٠٦
وذلك الكفر الماحق هو اكفر الكفر وأسفل دركاته ، وهو المضّلل للبسطاء : أن لو كان الايمان حقا لما ارتد هؤلاء ، وهذه المواصفة الثانية للمفتري على الله قد تلمح ان منهم من كفر بالله من بعد إيمانه لكي تضلّل قولته (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) أكثر وأكثر.
واحتمال آخر في «من كفر» انه شرط جزاءه (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) وعلى الوجهين فله مصداق كافر هو الذي يقول : (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) وأخر مدّعى وهو رسول الهدى ، انه آمن أولا بالله ثم كفر وافترى على الله ، فمتى روئي منه اختلاف الحالة الرسالية حتى يقال : كفر بالله بعد ايمانه؟ وهو منذ الفطام صادق أمين مستسلم لرب العالمين ، فهل إذا وصل الى القمة الرسالية يفتري على الله الذي أرسله؟ والمؤمن الساذج ليس ليكذب على الله (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٣١ ـ اخرج الخرائطي في مساوي الأخلاق وابن عساكر في تاريخه عن عبد الله بن جراد انه سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هل يزني ـ