بين (قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ..).
وهنالك النبأ يعم نبأ الرسالات الموجّهة إليهم ، ونبأ كفرهم بها ، ومن ثم نبأ استئصالهم بالعذاب ، تقديما لنبإ الحجاج في بعديها (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) آيات من الله بينات جليات لا خفاء فيها ، فالرسل هم بأنفسهم بينات ، يحملون آيات بينة على رسالاتهم ، ومن ثم البيان الرسالي ، فهم إذا في مثلث البينات ، فلا نجد رسولا دون بينة كأوضح حجة على المرسل إليهم ، ولكنهم :
(فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ).
آية منقطعة النظير في حجاج الرسل مع المناوئين وسواهم ، لا نجد لها مثيلا في سائر القرآن ، حيث تجمع بين مختلف الحوار الرسالي بين الرسل والمرسل إليهم في كلمة واحدة تحتمل معاني عدة بين صالحة على درجاتها ادبيا ومعنويا ، وبين سواها ، والقرآن حمال ذو وجوه فاحملوه إلى احسن الوجوه.
فقد ترجع الضمائر الثلاثة هنا الى مرجع واحد : رسلا؟ ١ او ٢ مرسلا إليهم؟ ام ٣ الاوّل للأولين والآخران للآخرين ، أم ٤ الاوّل للآخرين والآخران للأولين ٥ أم الأول والآخر للأولين؟ ٦ ام هما دونه للآخرين.
ثم ١ الايدي قد تعني الجارحة الظاهرة ام الحجج الباهرة ، و «في أفواههم» ظرفا مستقرا ل «ردوا» ام ٢ لغوا لمقدر ، و «في» نفسها قد تعني معناها ، ام «٣ الى او ٤ الباء» وهي ثمانية وأربعون احتمالا حسب متحملات لفظية ومعنوية.
ولأن الظاهر من «في» ظرفيتها دون تأويلها إلى الباء أو إلى ، وأن الظاهر