وهنا «به مشركون» قد يعني يشركون بالشيطان حيث أشركوا بالله سواه بواسطته ، ام «بالله مشركون» (١) والمعنيان علهما معنيّان ، حيث الإشراك بالله ليس الا بالشيطان ، مهما اختلف المعني من الباء هنا وهناك سببية وتعدية (٢) والاولى مقدمة على الثانية حيث الإشراك بالله ليس الا بسبب الشيطان.
ثم الشيطان تعم كافة شياطين الجن والانس ، فان الاسم الخاص لزعيم الشياطين هو إبليس ، وهو يضل أولياءه والذين هم به مشركون بخيله ورجله ، بذريته الشياطين وسواهم من الشياطين ، كما ويضلهم بنفسه ، حيث يتولونه ويستسلمون له بشهواتهم ونزواتهم حتى يشركوا بالله ، وعوذا بالله.
(وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(١٠١).
«آية» هنا هي الآية الإلهية الدالة بنفسها على انها من قبل الله ، سواء أكانت آية الرسالة المثبتة لها كسائر معجزات المرسلين وأفضلها القرآن العظيم وهي آية رسولية ، ام آية رسالية كالآيات القرآنية وكل منها آية في بعدين
__________________
(١) تفسير البرهان ٢ : ٣٨٤ عن الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له : فإذا قرأت القرآن ... فقال يا محمد يسلط والله من المؤمن على بدنه ولا يسلط على دينه وقد سلط على أيوب فشوه خلقه ولم يسلط على دينه وقد يسلط من المؤمنين على أبدانهم ولا يسلط على دينهم قلت له قوله عز وجل (إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)؟ قال : الذين هم بالله مشركون يسلط على أبدانهم وعلى أديانهم.
(٢) فان أشرك بالشيطان يعني بسببه وأشرك بالله يعني أشرك غيره به فهذه للتعدية وتلك للسببية.