وإذا كان المشركون والكتابيون حيث يقتسمون القرآن عضين وهم به كافرون ـ يسألون توبيخا وتبكيتا ، فبأحرى ان يسأل المسلمون المقتسمون علميا او عمليا وهم به مؤمنون!.
وقد تلمح (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) ان مختلف الهزء بالقرآن ورسول القرآن من دركات جعل القرآن عضين.
(فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(٩٦).
ولمّا يجعل القرآن برسوله عضين في مختلف دوائر السوء ، وفي مطلع الدعوة القرآنية ، ومولد الوحي ورسوله ، لذلك «فاصدع ..».
والصدع هو الشق في الأجسام الصلبة ، فقد يعني هنا ـ فيما يعني ـ شقّ أمواج الفتن بسفن النجاة ، واترك التقية والاستخفاء في الدعوة الى كل استجلاء وبهور.
ام هو مأخوذ من الصديع وهو الصبح ، فيعني : بالغ في اظهار أمرك على إمره ، والدعاء الى ربك ، حتى يكون الدين في وضوح الصبح لا يشكك نهجه ، ولا يظلم فجّه ، وكما قال (إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ).
فمنذ صادع الأمر وبارعه صدع بالأمر ، ولمّا يصدع به منذ بداية الرسالة ، إلّا بلاغا في تقية وخفاء ، ولا نرى في سائر القرآن مكية ومدنية امرا بالصدع إلا هنا ، مما يؤيد انه بداية الدعوة المعلنة في مكة المكرمة ، كما وردت به متظافرة الرواية (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ١٠٦ ـ اخرج ابن جرير عن أبي عبيدة ان عبد الله بن مسعود قال : ما زال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مستخفيا حتى نزل : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) فخرج هو وأصحابه ، وفيه اخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هذا امر ـ