المكية هي فترة التقية الواقية لأصل الدعوة وكيان الداعية ، ثم في المدينة صفحا جميلا ام انتقاما جميلا.
فآية السيف المدنية تبدل جمال الصفح تقية في مكة ، الى جلال الحرب ، مهما كان الصفح في المواجهة دون تقية ثابتا دون تبديل ، (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) الصالح لهذه الرسالة والمرسل إليهم ، دون سكوت عن الظالمين المصرين إلا في تقية حفاظا على أهم الفرضين.
«فاصفح ..» ولا تشغل قلبك بالحنق والحقد ، فالحق لا بد أن يحق والباطل لا بد أن يزهق (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)(٨٦) خلق ما علم وعلم ما خلق ، دونما جهل ام فوضى جزاف ، لا في تكوين ولا في تشريع.
فيا صاحب الرسالة السامية ، صحيح انك يضيق صدرك بما يمكرون وما يفتعلون ، صدا عن الدعوة ، واستاصالا للداعية ، ولكنا آتيناك قوة هي أقوى من كل محاولة :
(وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)(٨٧).
فقد يختصر الحق كله ويحتصر في (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ففي صلة ذلك الإيتاء بخلق (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ..) ان فيها إعلانا صارخا ، ان القرآن هو العنصر الأصيل ، وهو رأس الزاوية في الخلق كله ، كما (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ) خير بيان لذلك الإعلان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟!.
فهنالك السماوات السبع والأرضون السبع ، وهنا (سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) واين سبع من سبع؟.
فكما انه لو لا الساعة لبطل الخلق كله ، كذلك لو لا القرآن لبطل