وهو حق اليقين ببصيرة الفطرة والعقل ، المزودة بالوحي ، و «الم تر» ايها المخاطب العاقل رؤية دون الوحي من انسان وجان وسواهما من العالمين المكلفين الصالحين لخطابات الله شرعة وتكليفا ، (أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وهما الكون كله «بالحق» : الله بالحق ، خلق بسبب الحق ومصاحبته ولغايته ، وبالارادة الحقة والنظام الحق ، دون فوضى جزاف في كمّ الخلق وكيفه ، في بدايته او غايته ونهايته ، ومن هذا الخلق أنتم المخاطبون المكلفون من الجنة والناس واضرابكم.
فالخطاب هنا مطلق لا يقيد بالناس ، مهما يخص في الفاطر بالناس كأصدق مصاديقه : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ)(١٦) والخلق الجديد هنا ـ أعم من الناس.
(خَلَقَ .. بِالْحَقِّ) فان اخلدتم الى الباطل (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) جديد قد لا يكون هم من الناس : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ) (٤ : ١٣٣) ام جديدهم من الناس ولكنهم قرن آخرون : (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) (٦ : ١٣٣).
وهكذا يتهددنا ربنا إن عشنا خلاف الحق (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) وكما قضى على قوم نوح أجمعين إلا شرذمة صالحين ، ثم أتى منهم بآخرين.
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ)(٢١).
ترى ومتى برزوا لله جميعا وهم بارزون منذ كونهم في كونهم وقبل