فالشياطين عن السمع هناك معزولون ، لكن المؤمنون قد يكون لهم نصيب من هذه البروج ، سواء الإنس منهم والجان ، إلّا ان الرسالة الاخيرة صدت دونهم ـ كما صدت من ذي قبل لسواهم ـ صدّات التسمع الى الملأ الأعلى : (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً ، وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٧٢ : ٩).
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ)(١٩).
«والأرض .. رواسي» مذكورة في (٥٠ : ٧) ثم (هُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً) (١٣ : ٣) آيات ثلاث تمد الأرض حين تكميلها وتلقي فيها رواسي ، وفي فصلت (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها)(٢٦).
وما هو كل شيء موزون أنبتها في الأرض؟ علّه ، (كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) كما في «ق»: (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) بل ما هو إلّا هو فان خلق الله كله زوج وكله بهيج ، فلا زوج إلّا وهو بهيج ولا بهيج إلا وهو زوج : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (٣٦ : ٣٦) (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) (٦٧ : ٣ ـ ٤) وعدم التفاوت والتهافت ذاتيا وخلقيا في خلق الرحمن هو أبهج بهجة فيه.
وكل زوج بهيج موزون نابت في الأرض قد تشمل كل نابتات الأرض ، من نبات وحيوان وانسان : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (٧١ : ١٧) بل
__________________
(٢٦) قد فصلنا مدّ الأرض وجعل الرواسي وإلقاءها في فصلت وق والرعد فراجع.