كما الأحسن لأنه صبر في الله و (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ).
وليس الصابرون فحسب هم مخصوصون بهذه الكرامة الغالية ، بل هي جزاء كل من عمل صالحا :
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ٩٧.
قاعدة مطردة في كافة الصالحات للصالحين والصالحات ، وإذ (لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) فالحياة الطيبة الموعودة هي على قدر الصالحات دون اية فوارق من جنس ام جنسيات ، فالذكر والأنثى متساويان في قاعدة العمل وفائدته العائدة.
و «صالحا» هنا هو الصالح لحياة طيبة حيث يخلّفها فتخلفه برحمة الله وبركاته شريطة الايمان ، وتلك هي من مظاهر الصالحات في هذه النشأة الاولى ، واما الاخرى : (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) حياة طيبة اخرى تلو الاولى وظهورا تاما لملكوتها (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
فمن هذه الحياة الطيبة حياة النصرة الإلهية (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٤٠ : ٥١) ومنها ولاية الملائكة لهم (نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) (٤١ : ٣١) وبشرى الله فيها : (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٠ : ٦٤) و «القنوع بما رزقه الله» (١) مما يسلب عنه الخوف والحزن في الحياة الدنيا والآخرة أحرى.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٨٣ عن تفسير القمي في الآية قال : ... وفي نهج البلاغة ـ