ومن ثم فحشاء عقيدية حيث الفحشاء لا تختص بالعملية (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) (٦ : ١٥١) وانحس ما بطن منها هو الشرك بالله ، والإلحاد في الله ونكران رسالات الله ويوم الله ، وانحس الفحشاء ، هي المتجاوزة حدها ، وإلى غير الفاعل ، مبيّنة فتحا أم كسرا ، ومنها شيوع الفاحشة : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢٤ : ١٩).
ثم المنكر هو ما ينكر في الوسط الانساني فطريا وعقليا وبأحرى في الوسط الإسلامي شرعيا ، فهو أعم من الفحشاء ، وقد يتدرج الشيطان في خطواته الإغوائية من الفحشاء الى المنكر ، تنازلا في فاعليته (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (٢٤ : ٢١) كما و (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (٢٩ : ٤٥) ، تنازلا في فاعليتها ، والنهي عن المنكر ، دون خصوص الفحشاء او البغي ، من ادلة شموليته.
ومن ثم البغي هو أخص من المنكر ، وأعم من وجه من الفحشاء ، يختص بذكره بعد المنكر ، لأنه من أنكر المنكر كما الفحشاء ، فما كل فحشاء بغيا ، ولا كل بغي فحشاء ، ويجتمعان في الفحشاء ذات بعدين ، ذاتي تجاوزا عن الحد المتعود في النكران ، وغيري تجاوزا إلى الغير ، فمما ظهر منها اللواط والزنا ، ومما بطن تكذيب آيات الله والصد عن سبيل الله(١).
إذا فكافة دركات العصيان في ثالوث الظلم بالنفس وبالغير والظلم بالحق ، متجاوزة حدها وهي الكبيرة ، ام غير متجاوزة هي الصغيرة ، كل هذه وتلك مشمولة لثالوث (الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) ، ومختلف التعبير في
__________________
(١) فالنسبة بين الفحشاء والمنكر عموم مطلق كما بينه وبين البغي ، ثم النسبة بين الفحشاء والبغي عموم من وجه