إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) سؤالا (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) بعلم أو أثارة من علم ، مسنودا الى عقل ضروري ام كتاب وحي.
وان كنت عالما ام كنت تعلم بمحاولات ذاتية فلا عليك سئوال ولا لك ذلك ، اللهم الا تكملة لما علمت ، لا تسطع لها حيلة دون سئوال.
وكما العلم الذاتي يجب كونه باستدلال دون خيال او ظن غير مسنود الى برهان : (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) كذلك فليكن السئوال بالبينات والزبر دون تقليد أعمى ، ف «البينات» وهي البراهين العقلية المجردة والحسية «والزبر» وهي كتابات الوحي ، هما المحور الأصيل في كل سئوال وجواب جملة وتفصيلا.
فبينات الرسل تصدّق زبرهم ، وزبرهم تجاوب بيناتهم ، إذا فهم المحور الأصيل لكل دليل ، وقد يعبر عنهما ب «علم أو أثارة من علم» وعلى أية حال لا يغني غير العلم عن الحق شيئا ، والاجتهاد والتقليد كلاهما يتبنّيان (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) هنا جملة وهناك تفصيلا.
ولان القصد من السئوال في اصول الدين حصول العلم ثم التصديق والعمل ، فالعلم هنا موضوعي وطريقي ، فإذا سأل واقتنع ببرهانه فهو مصيب اخطأ أو أصاب ، وإذا لم يسأل فلم يقتنع وبقي على ظنه ، فهو مخطئ وافق الواقع ام خالف ، والاوّل اقل خطأ.
واما الفروع ، فان اجتهد او قلّد او جمع بينهما تجزئة للاجتهاد والتقليد او احتاط ، وكان متبعا في كل ذلك واجبه الشرعي ، فهو مصيب أخطأ ام أصاب ، مهما كان للمصيب أجران وللمخطئ اجر واحد ، وان ترك الكل فان وافق عمله الواقع صح ، وان خالف بطل مهما وافق رأي الأعلم ، فان صحة العمل محصورة في إصابة الواقع ، ام تطرق إحدى هذه الطرق الأربع العاذرة ، فالتارك للكل ، غير المصيب للواقع ، لا إصابة له ولا عذر ، ولا تفيده الموافقة الواقعية لرأي الأعلم ، فان العذر ليس في واقعه ، وانما هو في تقليد وهو غير واقع.