ولان القصد من السئوال هو معرفة الحق وهي ذريعة العمل وفقها ، فان وافق العمل الواقع دون سئوال صح ، ام وافق من يحق منه السئوال فكذلك ، ام وافق رأي البعض من المجتهدين الجامعي شرائط التقليد ولكنه غير الأعلم الأتقى ففي الصحة تردد أصحه البطلان ، لوجوب تقليد الأعلم ، وان خالف الإجماع او الضرورة بطل بالإجماع او الضرورة.
والعلم بالاحكام مرحلي ابتداء بالاجتهاد المطلق ، ثم المستطاع ، ثم الاحتياط ، ثم التقليد ، وان لم يجد الأعلم ولا رأيه ويفوت أوان العمل فالأقرب الى الأعلم والأقرب ، ثم إذا وجده سأله ، فان وافق السابق فهو الحق ، وان خالف صح ما سبق فان للضرورات احكامها في محالها.
فليس التقليد تقبلا لقول الغير دون أي دليل ، ولا فارق بين الاجتهاد والتقليد إلّا اجمالا هنا وهناك التفصيل ، فإذا تأكدت من صلاحية أهل الذكر للسؤال ، ويجيبك (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) وهما في الإسلام الكتاب والسنة القاطعة ، وتعرفت قدر المستطاع الى مستند الجواب ، عندئذ سمح لك ان تسأل أهل الذكر ، تقليدا عاقلا عالما عن العالم العاقل ، ومادة لجواب في السئوال على أية حال هي «البينات والزبر» فالأولى هي البراهين القاطعة العقلية كما المعجزات ، دون ان تحتمل أيّ شك وريبة ، والثانية هي البراهين النقلية من كتاب وحي وسنة قاطعة ، وهما مجموعان في القرآن بل هو أفضل البينات والزبر ، وكضابطة عامة فيما يسئل عنه آية الزمر : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) (١٧).
ف (أَهْلَ الذِّكْرِ) هنا هم الأحسن قولا في الزمر ، دون اي عالم وهناك من هو اعلم ، اللهم إلّا إذا لم تجد سبيلا الى الأعلم ، ام تتحرج في الفحص عنه. ف (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقد يروى التعميم عن