معصيته (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) : (١٠ : ٩٩).
ولا انهم ملائكة ، ام جسد لا يأكلون الطعام او هم خالدون ، (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فانما هم يحملون بلاغا لمشيئة الله التشريعية الى المكلفين ، ومن ذلك ابطال القالة الجاهلة القاحلة ، (لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا .. وَلا حَرَّمْنا ..).
وترى بماذا تتعلق (بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ)؟ إنها صالحة التعلق ادبيا ومعنويا بكلّ من «أرسلنا ـ نوحي إليهم ـ فاسألوا ـ الذكر ـ ان كنتم لا تعلمون» وخماسية التعلقات تجعل الإرسال والوحي والسئوال والذكر ولا تعلمون ، مربوطة بالبينات والزبر (١).
فلا تخلو اية رسالة إلهية عن البينات والزبر : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ ..) (٥٧ : ٣٥) حيث يوحى إليهم بالبينات المعجزات كما بالزبر ، وليسأل اهل الذكر بهذه البينات والزبر ، سؤالا بهما لأنهما خير مادة لسئول الاستعلام ، وذلك (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ) واما الذي يعلم طبيعة الرسالات بنفس البينات والزبر فلما ذا يسأل وليس المسئول بأحرى من السائل.
ثم «فاسألوا» لا تختص بالمشركين الناكرين للرسالات الإلهية مهما كانوا هم مورد نزول الآية حيث المورد لا يخصص ، بل هو عام لكلّ من هو داخل في نطاق (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أيا كان اللّاعلم ، في الشرعيات : عقليات او تعبديات ، وسواها من العلوم المرغوبة لأمور الدنيا المباحة وامور الآخرة. فان كان العلم واجبا فالسؤال واجب ، وان كان راجحا فراجح ، و (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) هو الحد النهائي لسماح السئوال ام وجوبه ، فان لا تعلم
__________________
(١) والباء في الاول معية سببية وفي الثاني مصاحبة وفي الثلاثة الباقية سببية.