أوسع من المعية حيث تعم انفصاله عنهم في السجدة في المكان والزمان ، تفردا باستكبار ، ولكنه لم يكن مع الساجدين ولا منهم.
(قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(٣٣).
وقد تغافل اللعين عن أصله نار السموم وهي انحس وأنكى من صلصال من حمأ مسنون ، ثم ولم ينظر الى نورية آدم ، لذلك تردى في جحيم الاستكبار ، تجاهلا عن امر الله ، وعن النفخة العلوية التي تلابس هذا الطين ، وان الملائكة ـ وهم أشرف منه في اصل النور والحالة الحاضرة النور ـ سجدوا له كلهم أجمعون!.
وهنا «لم أكن» تنفي اصل السجود مع الساجدين معهم ام لا معهم ، سلبا لاهلية آدم ، وإيجابا لا فضيلته هو عليه ، تشامخا برأسه ، وترفعا بخرطومه ، وتكبرا على الله نقضا لأمره بقياس قاسه خلاف النص الجلي : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٧ : ١٢) و (٣٨ : ٧٦) (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) (١٧ : ٦١) واين خيرية الطين من نار السموم؟ ، وخير منهما في الأصل هم الملائكة وقد سجدوا! فلو كان خيرا منه اما كان يعلمه خالقه؟ ام ان الله يأمر جزافا؟ ثم الملائكة كلهم أجمعون يأتمرون دونما تردد وسؤال عن ذلك الأمر الإمر؟.
وقد تلمح «لم أكن» ان كينونته النارية آبية عن السجود لكائن طيني لأنها اشرف منه وكما في قالته الأخرى (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) ولمحة اخرى انها استغراق لذلك النفي ، فلا سجدت له ولا اسجد مستقبلا حيث الكينونة النارية المفضلّة دائبة.
ثم «لأسجد» بحذف «ان» الناصبة ، لتحولها الى مصدر السجدة ،