السماوات ، فأصبح الكون كله مسجدا لملائكة الله في ذلك السجود كما في سائر السجود.
ويا عظماه لهذه المنزلة الرفيعة لذلك المسجود له شكرا! ويا قبحاه لإبليس حيث أبلس ونكص! :
(إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)(٣١).
استثناء منقطع تأكيدا لذلك الاستغراق ، إذ إن إبليس (كانَ مِنَ الْجِنِّ) (١٨ : ٥٠) دون الملائكة ، ومتصل مع الانقطاع ، إذ كان مأمورا بالسجود معهم : (قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) (٧ : ١٢) أمرا مستقلا ام معهم ، إذ كان فيهم يعبد الله معهم في ظاهر الحال ، لحد كانوا يحسبونه منهم وليس من الضروري ان يكون مأمورا مع الملائكة جماعا ، فقد يصدر اليه منفردا ولا يذكر تهوينا له ، ويصدر اليه معهم لاجتماعه بهم في ملابسة وعشرة عشيرة ، إظهارا للملائكة موقفه ، وعلى أية حال لم يكن هو من الملائكة ، مهما كان مأمورا مع الملائكة.
فرغم انه كان مع المأمورين بالسجود في بعد الأمر ، ام ومعية العشرة ، (أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) :
(قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ)(٣٢).
فطبيعة الحال قاضية ان يكون مع الساجدين ، امرا من رب العالمين ، فحشرا مع الساجدين الذين عاشرهم تعبدا لله طيلة سنين ، متفوقين عليه أصلا وفي الحال ، وعلى آدم في ظاهر الحال ، فلم يبق إذا له مجال (أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) فلا بد من منعة تتغلب على هذه الدوافع.
فهنا (مَعَ السَّاجِدِينَ) زمنا وفعلا كما تقتضيه الحال ، وكان الأمر بالمعية ، والتنديد بتركها ، وفي الأعراف (لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ)(١١) وهي