(فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) او (اسْجُدُوا لِآدَمَ) ليس ليعني هنا الأولين ، فانه الحاد بالله فرية عليه انه بأمره ، بل هو الثالث حيث ينتفع الساجدون شكرا لله ، وينتفع المسجود له مادة للشكر مكسبا في اظهار كرامته بانه معلم الملائكة فأفضل منهم أجمعين فضلا عن الشيطان الرجيم.
(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)(٣٠) هنا الجمع المحلى باللام بتأكيدين اثنين (كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) يستغرق كلهم أجمعين دونما استثناء ، من جبريلهم وميكالهم ومن فوقهما او دونهما ، فكل ملائكة الله سجدوا لله شكرا لله ، وتكريما لآدم ، بمن في صلبه من المحمديين الطاهرين (صلى الله عليه وآله وسلم). وهم الأصلاء في ذلك التكريم ، فإنهم هم الأسماء التي علّمها آدم ، وفضّل بمعرفة علمية لهم عليهم ، فهو الفرع الذي يحمل في صلبه هؤلاء الفضلاء الأصلاء : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) (٧ : ١١) وتراخي السجدة ليس ليعني السجدة الأولى من الشيطان الاول للإنسان الاول فحسب ، بل هو تلميح ان هذه السجدة لم تكن لآدم فقط كشخص ، بل ولمن في صلبه على اختلاف درجاتهم ، والأخرى منهم كلهم المحمديون صلوات الله عليهم أجمعين.
إذا ف (لَهُ يَسْجُدُونَ) الحاصرة سجدتهم ام كبارهم بالله ، لا تحسرهم عن هذه السجدة الجماهرية ، فإنهم كلهم ساجدون لله (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) (٦٦ : ٦) (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (٧ : ٢٠٤) وهذه السجدة كانت له وبأمره دونما استكبار ، ولو تركوها لكانوا من المستكبرين ، كما استكبر إبليس وكان من الكافرين.
ولأن الأمر كان مؤقتا مضيقا (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) وانه استغرقهم أجمعين ، فلا بد وأن سجدوا دفعة واحدة دونما فصل زمني او انفصال ، سواء أكانوا من ملائكة الأرض أم من ملائكة