ثم (إِنِّي خالِقٌ) تعم تسوية الجسم ونفخ الروح : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ) وهي مقابل (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ..) تسوية البدن. ترى وماذا تعني تسوية بشر من صلصال من حمأ مسنون ، إلّا تبديل الصلصال الى جسم بشر.
والبشر جسم كثيف يلاقي ويباشر ، خلاف الجن والملائكة إذ لا يباشرون ، والبشرة ظاهر الجلد من كل حيوان والإنسان بشر بمعنييه.
وفي صيغة اخرى يخص خلقه بجسمه البشري ، وبكلمة «كن» يخلق روحه الانساني: (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣ : ٥٩) فخلق الروح بعد خلق البدن في الإنسان الاول وكما في سائر الأناسي : (.. ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (٢٣ : ١٤) وبذلك يؤوّل الحديث «خلق الله الأرواح قبل الأجساد» بما لا ينافي الآيات ، من قبلية رتبية اماهيه؟ ..
ثم «ونفخت» هنا دليل ولوج الروح في البدن بعد اكتماله كما وتصرح به آية الإنشاء ، والنفخ هو اجراء الريح في تجاويف ، فليكن الروح كالريح جسما رقيقا قد ألبس قالبا كثيفا وكما في الحديث (١) فالنفخ دليل كونها ريحا حيث المجرد عن المادة لا ينفخ ، و «فيه» دليل ثان على كونها منبثقة من مادة ، حيث الظرف : المادة ، ليس ليحوي مظروفا غير مادي ، ثم بين المجرد
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ١١ عن التوحيد للصدوق باسناده الى عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) كيف هذا النفخ؟ فقال : ان الروح متحرك كالريح وأنما سمي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح وانما أخرجت على لفظة الروح لان الروح مجانس للريح وانما اضافه الى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح ....