عن المادة والمادة تناقض ، فكما لا يجتمعان في موضوع واحد ، كذلك لا يحمل أحدهما الآخر ، سواء أكان كحمل ذات لصفة ، ام حمل ظرف لمظروف ، فمن المستحيل إذا تجرد الروح المظروف لظرف الجسم.
وماذا تعني «من روحي» أجزء من روح الله؟ ولا جسم له ولا روح! ولا جزء لذاته المقدسة! وحتى لو كان ليس لينفخ في جسم الخلق ، وإلّا لأصبح الخالق خلقا والخلق خالقا.
ثم ومن ناحية النص القرآني (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) وأمره تكوينيا وتشريعيا هو من خلقه ، فليس ـ إذا ـ من ذاته ، ولا من صفات ذاته وهي هي ذاته ، وانما من صفات فعله ، وبتعبير أصح هو من فعله : (ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وليس «كن» التكوينية إلا لغير الكائن ، والله كائن إذ لا «كان».
ثم الاضافة قد تكون اضافة شيء الى نفسه ك «نفسي» واخرى اضافة جزء الى كله ك «يدي» وفي صاحب الروح والجسم «روحي ـ جسمي» وثالثة الى غيره دون رباط لخلق وصنعة بينهما ك «داري» «ثوبي» ورابعة الى مخلوقه «ربي» وخامسة الى خالقه ك «روحي» هنا و «عبدي ـ بيتي» واضرابهما كما في آيات أخرى.
وكيف تتحمل «روحي» هنا الحمل على الاضافة الثانية بين هذه الخمس ، والقرائن القاطعة القاصعة عقلية ونقلية معسكرة على استحالتها ، فإحالتها الى ما يصح كالخامسة.
إذا ف «هذه روح مخلوقة والروح التي في عيسى مخلوقة» (١) .. صورة محدثة مخلوقة اصطفاها الله واختارها على سائر
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ١١ عن الكافي بسنده عن ابن أذينة عن الأحول قال سألت أبا عبد الله