يمنى ، ويجعل في احسن تقويم كالقمة المحمدية العليا التي يغبطها العالمون من الجنة والملائكة وسائر الروحيين أجمعين.
وهنا يخلق الجان من نار السموم ، ويجعل في تقويم منه النخبة المختارة لاستماع الوحي في الملإ الأعلى ام من النبيين ، حتى يرجعوا الى قومهم منذرين ، فانما الأصل في الزلفى الايمان والعمل الصالح ، لا الأصل المخلوق منه حتى يفتخر به جماعة ويترذل فيه آخرون :
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(٢٨).
(بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) هو «خليفة» في البقرة ، وكما فصلناها هناك خليفة عمن انقرض من جنسه كتعريف لمثل حالته السابقة عمليا ، وهنا (بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) تعريف بأصله في جسمه ، والاصلان حسب الظاهر رديئان ، أولهما يتطلب سؤال الاستفهام ، وثانيهما حيرة! وترى أيهما أقدم ، ام هما في عرض واحد؟ (فَإِذا سَوَّيْتُهُ ..) دليل ان عرض البشر كان قبل خلقه ، ثم و (إِنِّي جاعِلٌ .. أَتَجْعَلُ ..) قد تلمح بنفس الموقف ، لكن (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ) دون ذكر لخلقه قد تلمح انه كان مخلوقا عند قوله : «اني جاعل» لا سيما وان «فاعل» لا يعنى به المستقبل إلا بقرينة ، و «أتجعل» و «علم» قرينتان متكافحتان نفيا واثباتا ، فتبقى «جاعل» تلمح انه واقع حاله ..
وهنا «اني جاعل» مقرون بقرينة قاطعة تصرفه عن الحال وهي (فَإِذا سَوَّيْتُهُ ..).
إذا ، فقد يكون عرض البشرية قبل عرض الخلافة ، تقديما لظاهر رداءة الجسم قبل رداءة الروح ، ووا ويلاه إذا كانا قبل موقف السجدة ، امتحانا قاسيا للملائكة وقد نجحوا من الناحية الجسمية فسجدوا دون