هو المازج القلق (١).
فليست هي نارا عادية كسائر النار (٢) بل هي خليطة مازجة بسموم ، لأنها نار ملتهبة من سموم ، ومختلف المادة الصّلى للنار يخلّف مختلف النار ، إن سموما فسموم وان طيبا فطيبة كنار العود ، وان شديدا فشديدة كالنار اللاهبة من الأكسيجين وما فوقه ام دونه ، ام خفيف فخفيفة.
ولماذا هنا الجان وفي الرحمن (٣) والجن والجنة في سائر القرآن؟ علّه لان الجانّ مفرد والمخلوق من نار السموم كذلك مفرد ، ولكن الجن جاء فيما جاء جمعا ام جنسا ولا جمعية في الخلق من نار السموم.
وترى كيف كان نسل الذرية من الجان؟ لا ندري إلّا أن له ذرية ، ولكنها كيف انتسلت فلا ندري! وإنما ندري أنه خلق قبل الإنسان ، وقد ندرك من صفاته بعض حالات السموم ، واللطافة على وجه العموم ، وان هناك قسما منه شيطان ، وآخر كما الإنسان بين معصوم يوحى اليه على هامش الوحي إلى انسان ، وغير معصوم هو بين متق ومأثوم ، وكما فصلت في سورة الجن والحاقة.
هناك يخلق هذا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ، ومن مني
__________________
(١) فان كان من المرج فهو الخلط والمزج ، ومن المرج هو القلق والاضطراب ، ونار السموم قرينة الجمع .. راجع الفرقان ٢٧ : ٢٣ ـ ٢٥ تجد فيه تفصيلا للمارج.
(٢) الدر المنثور ٤ : ٩٨ ـ اخرج ابن مردويه عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : رؤيا المؤمن جزء من سبعين جزء من النبوة وهذه النار جزء من سبعين جزء من نار السموم التي خلق الله منها الجان وتلا هذه الآية (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ).
(٣) ذكر الجان في الرحمن ثلاث مرات ، و ٢٧ : ١٠ و ٢٨ : ٣١ «كَأَنَّها جَانٌّ» ضرب من الحيات الصغار.