(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ)(١٣).
فلأنهم استهزؤا بالرسول ، ثم سلكناه في قلوبهم ، فهم (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) : الله والذكر والرسول (١) إذ ـ (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ ..) (٢ : ٧)(وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) سنتهم في الاستهزاء بالمرسلين ، وسنة الله فيهم إذ سلكه في قلوبهم ، جمعا بين الأولين والآخرين الى يوم الدين في سنة السلك وسلك السنة ، جزاء جزئيا يوم الدنيا قبل يوم الدين.
ونموذجا من المكابرة المرذولة المتعنتة والعناد البغيض بعد ذلك السلك السالك فيهم :
(وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)(١٥).
(باباً مِنَ السَّماءِ) كما في غيرها (أَبْوابُ السَّماءِ) تدل على ان للسماء أبوابا ، و «فتحنا» دليل انها مغلقة علينا ، و «لو» تحيل فتحها لنا ، و (فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) دليل على ان في باب السماء معارج يركبها العارج ، كمراكب اتوماتيكية تعرج براكبيها في جو السماء ، وكما تشير إليها آيات اخرى ، فللسماء أبواب الى الجنة يعرج أهلها فيها دون الكافرين : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) (٧ : ٤٠) وأبواب الى مياهها المختزنة فيها تخصها : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) (٥٤ : ١١) وأبواب الى عذابها : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (٢٣ : ٧٧) وأبواب
__________________
(١) فضمير الغائب في سلكناه راجع الى الاستهزاء وفي به الى الله والرسول المستهزء به إذ لا معنى ل «لا يؤمنون بالاستهزاء» وهذه المراجع الثلاث كلها صالحة لرجوع الضمير إليها والذكر المنزل عليه.