الله كالشيء المملوك لهم لأنها تقررت دلالتها عندهم ثم أعرضوا عنها واستبدلوها باتّباع هواهم.
والتعبير عن العوض المشترى باسم ثمن الذي شأنه أن يكون مبذولا لا مقتنى جار على طريق الاستعارة تشبيها لمنافع أهوائهم بالثمن المبذول فحصل من فعل (اشْتَرَوْا) ومن لفظ (ثَمَناً) استعارتان باعتبارين.
وجملة : (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) مفرّعة على جملة (اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ) لأنّ إيثارهم البقاء على كفرهم يتسبّب عليه أن يصدّوا الناس عن اتّباع الإسلام ، فمثّل حالهم بحال من يصدّ الناس عن السير في طريق تبلّغ إلى المقصود.
ومفعول (فَصَدُّوا) محذوف لقصد العموم ، أي : صدّوا كل قاصد.
وجملة : (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ابتدائية أيضا ، فصلت عن التي قبلها ليظهر استقلالها بالإخبار ، وأنّها لا ينبغي أن تعطف في الكلام ، إذ العطف يجعل الجملة المعطوفة بمنزلة التكملة للمعطوفة عليها.
وافتتحت بحرف التأكيد للاهتمام بهذا الذم لهم.
و (ساءَ) من أفعال الذم ، من باب بئس ، و (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) مخصوص بالذم.
وعبّر عن عملهم ب (كانُوا يَعْمَلُونَ) للإشارة إلى أنّه دأب لهم ومتكرّر منهم.
(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠))
(لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً).
يجوز أن تكون هذه الجملة بدل اشتمال من جملة : (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [التوبة : ٩] لأنّ انتفاء مراعاة الإلّ والذمّة مع المؤمنين ممّا يشتمل عليه سوء عملهم ، ويجوز أن تكون استئنافا ابتدئ به للاهتمام بمضمون الجملة. وقد أفادت معنى أعمّ وأوسع ممّا أفاده قوله : (وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) [التوبة : ٨] لأنّ إطلاق الحكم عن التقييد بشرط (إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ) [التوبة : ٨] يفيد أنّ عدم مراعاتهم حقّ الحلف والعهد خلق متأصّل فيهم ، سواء كانوا أقوياء أم مستضعفين ، وإنّ ذلك لسوء طويتهم للمؤمنين لأجل إيمانهم. والإلّ والذمّة تقدّما قريبا.