الجواب هو أن العدوّ يفرح بمصاب عدوّه لأنّه ينكد عدوّه ويحزنه ، فإذا علموا أنّ النبي لا يحزن لما أصابه زال فرحهم.
وفيه تعليم للمسلمين التخلق بهذا الخلق : وهو أن لا يحزنوا لما يصيبهم لئلا يهنوا وتذهب قوتهم ، كما قال تعالى : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ) [آل عمران : ١٣٩ ، ١٤٠]. وأن يرضوا بما قدر الله لهم ويرجوا رضى ربّهم لأنّهم واثقون بأنّ الله يريد نصر دينه.
وجملة (هُوَ مَوْلانا) في موضع الحال من اسم الجلالة ، أو معترضة أي لا يصيبنا إلا ما قدره الله لنا ، ولنا الرجاء بأنّه لا يكتب لنا إلا ما فيه خيرنا العاجل أو الآجل ، لأن المولى لا يرضى لمولاه الخزي.
وجملة (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) يجوز أن تكون معطوفة على جملة (قُلْ) فهي من كلام الله تعالى خبرا في معنى الأمر ، أي قل ذلك ولا تتوكّلوا إلا على الله دون نصرة هؤلاء ، أي اعتمدوا على فضله عليكم.
ويجوز أن تكون معطوفة على جملة (لَنْ يُصِيبَنا) أي قل ذلك لهم ، وقل لهم إن المؤمنين لا يتوكّلون إلا على الله ، أي يؤمنون بأنّه مؤيّدهم ، وليس تأييدهم بإعانتكم ، وتفصيل هذا الإجمال في الجملة التي بعدها. والفاء الداخلة على (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) فاء تدلّ على محذوف مفرّع عليه اقتضاه تقديم المعمول ، أي على الله فليتوكّل المؤمنون.
(قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢))
تتنزّل هذه الجملة منزلة البيان لما تضمّنته جملة (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) [التوبة : ٥١] الآية ، ولذلك لم تعطف عليها ، والمبيّن هو إجمال (ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا) [التوبة : ٥١] كما تقدّم.
والمعنى لا تنتظرون من حالنا إلّا حسنة عاجلة أو حسنة آجلة فأمّا نحن فننتظر من حالكم أن يعذبكم الله في الآخرة بعذاب النار ، أو في الدنيا بعذاب على غير أيدينا من عذاب الله في الدنيا : كالجوع والخوف ، أو بعذاب بأيدينا ، وهو عذاب القتل ، إذا أذن الله بحربكم ، كما في قوله : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ