إلى آخرها.
والمعنى : ألم يعلموا شأنا عظيما هو من يحادد الله ورسوله له نار جهنّم.
وفكّ الدّالان من (يُحادِدِ) ولم يدغما لأنّه وقع مجزوما فجاز فيه الفكّ والإدغام ، والفكّ أشهر وأكثر في القرآن ، وهو لغة أهل الحجاز ، وقد ورد فيه الإدغام نحو قوله : (وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ) في سورة الحشر [٤] في قراءة جميع العشرة وهو لغة تميم.
والمحادّة : المعاداة والمخالفة.
والفاء في (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) لربط جواب شرط (مَنْ).
وأعيدت (فَأَنَ) في الجواب لتوكيد أن المذكورة قبل الشرط توكيدا لفظيا ، فإنّها لما دخلت على ضمير الشأن وكانت جملة الشرط وجوابه تفسيرا لضمير الشأن ، كان حكم (أَنْ) ساريا في الجملتين بحيث لو لم تذكر في الجواب لعلم أنّ فيه معناها ، فلمّا ذكرت كان ذكرها توكيدا لها ، ولا ضير في الفصل بين التأكيد والمؤكّد بجملة الشرط ، والفصل بين فاء الجواب ومدخولها بحرف ، إذ لا مانع من ذلك ، ومن هذا القبيل قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [النحل : ١١٩] وقول الحماسي ، وهو أحد الأعراب :
وإنّ امرأ دامت مواثيق عهده |
|
على مثل هذا إنّه لكريم |
و (جَهَنَّمَ) تقدّم ذكرها عند قوله تعالى : (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) في سورة البقرة [٢٠٦].
والإشارة بذلك إلى المذكور من العذاب أو إلى ضمير الشأن باعتبار تفسيره. والمقصود من الإشارة : تمييزه ليتقرّر معناه في ذهن السامع.
و (الْخِزْيُ) الذلّ والهوان ، وتقدّم عند قوله تعالى : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في سورة البقرة [٨٥].
(يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (٦٤))
استئناف ابتدائي لذكر حال من أحوال جميع المنافقين كما تقدم في قوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ) [التوبة : ٦٢] وهو إظهارهم الإيمان بالمعجزات وإخبار الله رسوله صلىاللهعليهوسلم بالمغيبات.