لا مال لهم إلّا جهدهم وهذا أحسن.
وفيه ثناء على قوة البدن والعمل وأنّها تقوم مقام المال.
وهذا أصل عظيم في اعتبار أصول الثروة العامة والتنويه بشأن العامل.
والسخرية : الاستهزاء. يقال : سخر منه ، أي حصلت السخرية له من كذا ، فمن اتّصالية.
واختير المضارع في يلمزون ويسخرون للدلالة على التكرر.
وإسناد سخر إلى الله تعالى على سبيل المجاز الذي حسّنته المشاكلة لفعلهم ، والمعنى أنّ الله عاملهم معاملة تشبه سخرية الساخر ، على طريقة التمثيل ، وذلك في أن أمر نبيه بإجراء أحكام المسلمين على ظاهرهم زمنا ثم أمره بفضحهم.
ويجوز أن يكون إطلاق سخر الله منهم على طريقة المجاز المرسل ، أي احتقرهم ولعنهم ولمّا كان كلّ ذلك حاصلا من قبل عبّر عنه بالماضي في (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ).
وجملة : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) عطف على الخبر ، أي سخر منهم وقضى عليهم بالعذاب في الآخرة.
(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٨٠))
هذا استئناف ابتدائي ليس متصلا بالكلام السابق ، وإنّما كان نزوله لسبب حدث في أحوال المنافقين المحكية بالآيات السالفة ، فكان من جملة شرح أحوالهم وأحكامهم ، وفي الآية ما يدلّ على أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان يستغفر لهم.
روى المفسّرون عن ابن عباس أنّه لمّا نزلت بعض الآيات السابقة في أحوالهم إلى قوله : (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [التوبة : ٧٩]. قال فريق منهم : استغفر لنا يا رسول الله ، أي ممّن صدر منه عمل وبّخوا عليه في القرآن دون تصريح بأنّ فاعله منافق فوعدهم النبي عليه الصلاة والسلام بأن يستغفر للذين سألوه. وقال الحسن : كانوا يأتون رسول الله ، فيعتذرون إليه ، ويقولون : إن أردنا إلّا الحسنى. وذلك في معنى الاستغفار ، أي طلب محوما عدّ عليهم أنّه ذنب ، يريدون أنّه استغفار من ظاهر إيهام أفعالهم. وعن الأصمّ أنّ عبد الله بن أبي بن سلول لمّا ظهر ما ظهر من نفاقه وتنكّر الناس له من كلّ جهة لقيه